إذا كنت في موقع قيادي في مؤسسة تنمية البحث والتطوير والابتكار

إذا كنت في موقع قيادي في مؤسسة تنمية البحث والتطوير والابتكار

الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز العقل
خبير في الابتكار والسياسات الوطنية للعلوم والتقنية

في وقت تتسارع فيه الدول نحو الاقتصاد المعرفي، وتقود الابتكار كمحرّك رئيسي للنمو والتنافسية، تبرز الحاجة إلى منظومة وطنية متكاملة للبحث والتطوير والابتكار (RDI) تواكب تطلعات المملكة وتحقق مستهدفات رؤية 2030.

فلو كنت مسؤولًا عن هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، لأدركت أن المهمة لا تقتصر على إطلاق المبادرات، بل على بناء منظومة متكاملة تقودها مؤسسات قوية، وباحثون محترفون، وأنظمة حديثة، وخطة وطنية مرجعية.

أولًا: المؤسسات البحثية هي حجر الزاوية

لابد من إعادة النظر في هيكلة وتمكين المؤسسات البحثية المتخصصة. هذه الكيانات لا يمكن أن تؤدي دورها في تقديم حلول استراتيجية ما لم يُعَد تشكيلها بقيادات علمية تنفيذية، ونماذج تشغيلية مرنة، وشراكات دولية نوعية. دعم هذه المؤسسات ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية.

ثانيًا: الباحثون هم الاستثمار الأذكى

الموارد البشرية البحثية هي منجم الذهب الحقيقي. لا بد من تمكينهم عبر مسارات مهنية واضحة، وبرامج تنافسية محفزة، وربط إنتاجهم العلمي بالتحديات الوطنية، وخلق بيئة بحثية داعمة في الجامعات والمراكز البحثية.

ثالثًا: الأنظمة والتمويل

أي منظومة بلا لوائح مرنة وحوافز قوية ستكون بيئة طاردة للابتكار. من الضروري تحديث الأنظمة المالية والإدارية التي تحكم البحث والتطوير، وتوحيد وتوجيه الجهود التمويلية بين الجهات المانحة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص من خلال حوافز ضريبية وتفضيلات شراء حكومي للمنتجات المبتكرة.

رابعًا: الخطة الوطنية المرجعية

خطة وطنية معلنة لتنمية البحث والتطوير والابتكار لكي لا يكون العمل متناثرًا وغير منسق. أدعو إلى إعداد “الخطة الوطنية لتنمية البحث والتطوير والابتكار” بمشاركة القطاع الحكومي والخاص والجامعات، وتكون هذه الخطة مرجعًا ملزمًا للمعنيين فيه التوجهات والمشاريع والميزانيات.

خامسًا: الابتكار المجتمعي ليس أقل أهمية

الابتكار لا ينحصر في المختبرات. حين تنتشر ثقافة التطوع العلمي، والتعاون بين المجتمع، وحين يشعر المبدع أن أفكاره لها قيمة وتأثير، نكون قد بدأنا فعليًا في بناء بيئة وطنية منتجة للمعرفة.

في الختام

المملكة مؤهلة لأن تكون مركزًا إقليميًا رائدًا في الابتكار، وذلك يتطلب قيادة موحّدة للمنظومة، وخطة واضحة، واستثمارًا شجاعًا في المؤسسات والعقول.
لا يمكن أن ننتظر نتائج مختلفة ونحن نكرّر نفس الممارسات.
الابتكار ليس خيارًا… بل مسار المستقبل.