هدنة اقتصادية بين الولايات المتحدة والصين: اتفاق مؤقت في ظل تصاعد التوترات

هدنة اقتصادية بين الولايات المتحدة والصين: اتفاق مؤقت في ظل تصاعد التوترات

خاص – الوئام

في تصريح مفاجئ أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من البيت الأبيض، أعلن أن واشنطن وقّعت اتفاقًا تجاريًا جديدًا مع الصين، بعد أقل من أسبوعين على إعلان “تفاهم” تم التوصل إليه في لندن.

ورغم أن ترمب لم يقدم تفاصيل محددة، فإن مسؤولًا في البيت الأبيض أوضح لاحقًا أن الاتفاق يندرج ضمن “إطار لتنفيذ تفاهم جنيف”، مشيرًا إلى المحادثات التي جرت بين الجانبين في مايو، والتي وضعت الأساس لخفض مؤقت في الرسوم الجمركية.

من التفاهمات الشفهية إلى الاتفاق المكتوب

وفقًا لمصادر مطّلعة، فإن الاتفاق الجديد يُعد توثيقًا رسميًا لما تم الاتفاق عليه سابقًا شفهيًا بين واشنطن وبكين دون توقيع مكتوب. فقبل محادثات لندن، كانت الإدارة الأمريكية تسعى لإبرام “اتفاق بالمصافحة”، وهو نهج رأى فيه بعض الخبراء تبسيطًا مفرطًا للعلاقة المعقدة بين البلدين.

أما الاتفاق الأخير، وفق ما نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، فيعكس إدراك الجانبين لأهمية صياغة التفاهمات بشكل رسمي لتجنّب أي خلافات مستقبلية أو تراجع من أي طرف.

 محطات الاتفاق

الاتفاق الذي أُبرم في جنيف سابقًا شمل تخفيضًا متبادلًا للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، كخطوة أولية نحو اتفاق أوسع، لكنه تعثر لاحقًا بسبب خلافات حول صادرات الصين من المعادن النادرة والقيود الأمريكية على التصدير.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، عُقدت مفاوضات جديدة في لندن بمشاركة وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، والممثل التجاري جيميسون غرير، إلى جانب نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ. وبعد يومين من المباحثات، أُعلن عن “تفاهم” بدون تفاصيل، ليأتي إعلان ترمب ويؤكد تحويل هذا التفاهم إلى اتفاق مكتوب.

بنود الاتفاق وتأثيراته

أعلنت وزارة التجارة الصينية أن الجانبين “أكدا مزيدًا من التفاصيل” حول الاتفاق، مشيرة إلى أن الصين ستواصل إصدار الموافقات على صادرات المواد الخاضعة للرقابة “وفقًا للقانون”، وأن واشنطن ستُخفف “الإجراءات التقييدية” المفروضة على بكين.

وفي حال ثبوت هذه البنود على أرض الواقع، فإنها تمهد الطريق نحو استقرار نسبي في العلاقات التجارية، ولو مؤقتًا.

خلفية التصعيد

يأتي الاتفاق الجديد في سياق جهود إدارة ترمب لتوقيع اتفاقات تجارية متعددة الأطراف قبل حلول 9 يوليو، وهو الموعد الذي حدده ترمب لإعادة فرض رسوم جمركية “متبادلة” على معظم شركاء أمريكا التجاريين بنسبة تصل إلى 50%.

وقد خُفّضت هذه الرسوم مؤقتًا إلى 10% لإتاحة الفرصة أمام المفاوضات، لكن إذا لم تُوقّع اتفاقات نهائية، فستُعاد الرسوم إلى مستوياتها القصوى.

شركاء تفاوضيون

تُجري الولايات المتحدة حاليًا مفاوضات مكثفة مع كل من الهند، فيتنام، كوريا الجنوبية، اليابان، والاتحاد الأوروبي. وحتى الآن، تبقى المملكة المتحدة الدولة الوحيدة التي توصلت إلى اتفاق مع واشنطن.

أما الصين، فقد حصلت على تخفيض مؤقت للرسوم إلى 10%، لكنها ما تزال تواجه رسومًا إضافية بنسبة 20%، بسبب استمرار تصديرها لمواد تدخل في تصنيع مخدر الفنتانيل، بحسب اتهامات إدارة ترمب.

ترحيب حذر من مجتمع الأعمال

أعرب رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، شون شتاين، عن تفاؤله الحذر قائلًا: “إذا جلب الاتفاق مزيدًا من اليقين والعدالة في العلاقات التجارية، فسيكون انتصارًا لشعبي البلدين“.

لكن البعض يرى أن الاتفاق يفتقر إلى آليات رقابة واضحة، مما يجعله عرضة للانهيار السريع عند أول خلاف حقيقي.

 رسوم جديدة تلوح في الأفق

بالتوازي مع الاتفاق مع بكين، تدرس إدارة ترمب فرض رسوم جمركية على واردات عالمية في قطاعات حساسة تشمل أشباه الموصلات، الإلكترونيات الاستهلاكية، أجزاء الطيران، الأخشاب، النحاس، الصناعات الدوائية، والمعادن النادرة.

هذه السياسة التجارية الهجومية تنذر بمزيد من التوترات العالمية، حتى مع محاولة تهدئة الجبهة الصينية.