تعاوننا كهدف بعد النزاع الأخير

الدكتور عيسى محمد العميري – كاتب كويتي
[email protected]
لقد أثبتت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، ضرورة تكثيف التكاتف بين دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة أي ظروف غير مُستقرة تحدث فجأة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي تحديداً. علاوة على ذلك فقد شهدت الساحة الدولية في السنوات الأخيرة اضطرابات متسارعة وتحديات متزايدة، بدءًا من النزاعات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، وصولاً إلى الأزمات الاقتصادية، والتغيرات المناخية، والأوبئة العالمية.
في هذا السياق المضطرب، تبرز أهمية الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي كضرورة استراتيجية لابد منها لضمان الأمن والاستقرار والازدهار المشترك. كما أن مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981، لم يكن مجرد إطار تنسيقي، بل جسد على مدى العقود الأربعة الماضية طموحًا مشتركًا لشعوب المنطقة في التكامل والوحدة، من خلال التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي.
واليوم، مع ما يشهده العالم من تكتلات متنافسة وأزمات خانقة، فإن الحاجة إلى مزيد من التكاتف والتضامن بين دول المجلس أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. حيث تُعد الوحدة الخليجية صمام أمان في مواجهة التحديات الإقليمية، في ظل التوترات في الشرق الأوسط، وتصاعد النفوذ الخارجي في بعض الدول المجاورة، إضافة إلى التحديات الأمنية الناتجة عن الإرهاب والهجمات السيبرانية. ولعل التنسيق الأمني والعسكري المشترك، وتفعيل الاتفاقيات الدفاعية بين الدول الأعضاء، يمثلان ركيزة أساسية في الحفاظ على السيادة والاستقرار الداخلي.
ومن ناحية أخرى وعلى المستوى الاقتصادي، فإن التكتل الخليجي قادر على تعزيز مكانته العالمية إذا ما تم تسريع خطوات التكامل الاقتصادي، مثل السوق الخليجية المشتركة، وربط شبكات البنية التحتية، وتوحيد السياسات المالية والنقدية. كما أن المشاريع الكبرى مثل الربط الكهربائي والسككي تعزز من الاستقلالية الاقتصادية والقدرة على مواجهة التغيرات العالمية في أسعار الطاقة أو تقلبات الأسواق.
وأيضاً فإن الوحدة أيضًا تعزز الصوت السياسي للدول الخليجية في المحافل الدولية، وتزيد من قدرتها على التأثير في القرارات العالمية، خاصة ما يتعلق بأسواق النفط، وحماية المصالح الاقتصادية، ومواجهة الحملات الإعلامية أو الضغوط السياسية.
وبناء عليه. فإن تسليم دول الخليج بضرورة التكاتف، هو الخيار الاستراتيجي الأمثل في عالم متغير وغير مستقر. فالوحدة الخليجية ليست مجرد شعار، بل ضرورة وجودية تحفظ الأمن والسيادة وتعزز التنمية المستدامة لشعوب المنطقة. وفي إشارة مهمة في هذا الصدد نجد أن الاعتداء على دولة قطر في الحرب الأخيرة بين ايران وإسرائيل، يرتبط بماهيته بموضوع مقالنا هذا الذي لطالما تناولناه في مقالات سابقة من قبل. وهو الأمر الذي يفرض هذه القضية بشكل حتمي. والله الموفق.