زهران ممداني.. شاب مسلم غير معروف يحدث ضجة في نيويورك

يقترب زهران ممداني، عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، من أن يصبح أول مسلم يترشح رسميًا عن الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، بعد تقدمه الواضح على الحاكم السابق أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية بنسبة 43% مقابل 36% من الأصوات بعد فرز 95% منها. وإذا تأكدت النتيجة، سيكون أول مسلم من أصول جنوب آسيوية يقترب من تولي هذا المنصب في تاريخ المدينة.
ولد ممداني في العاصمة الأوغندية كامبالا، وانتقل مع أسرته إلى نيويورك وهو في السابعة من عمره. تلقى تعليمه في مدرسة برونكس للعلوم ثم درس الدراسات الأفريقية في كلية بودوين، حيث شارك في تأسيس مجموعة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”. وخلال حملته، لجأ إلى استخدام لغات متعددة بينها الأردية والإسبانية، في محاولة للتواصل مع التنوع السكاني الكبير في المدينة.
ممداني متزوج من الفنانة السورية راما دواجي، ويأتي من خلفية عائلية مميزة، إذ أن والدته هي المخرجة الشهيرة ميرا ناير، ووالده الأكاديمي محمود ممداني، أستاذ بجامعة كولومبيا. وقبل دخوله عالم السياسة، عمل مستشارًا في قطاع الإسكان، حيث قدم الدعم للعائلات منخفضة الدخل في مواجهة خطر الإخلاء.
يعتمد برنامجه الانتخابي على مقاربة تقدمية جذرية، حيث يقترح توفير النقل العام بالحافلات مجانًا، وتجميد الإيجارات، وإنشاء متاجر بقالة مملوكة للدولة، إلى جانب تقديم رعاية مجانية للأطفال، ومضاعفة إنتاج المساكن المستقرة المؤجرة منخفضة التكلفة. ويرى أن هذه الإجراءات ضرورية لمواجهة غلاء المعيشة المتصاعد في مدينة نيويورك.
رغم الشعبية المتزايدة التي يحظى بها، إلا أن خصومه، وفي مقدمتهم كومو، يشككون في قدرته على إدارة مدينة بميزانية تصل إلى 115 مليار دولار، ويصفونه بأنه يفتقر للخبرة وبأنه “متطرف”. كما انتقدت صحيفة “نيويورك تايمز” أجندته ووصفتها بأنها غير متوافقة مع واقع المدينة وتعقيداتها.
من أبرز مواقف ممداني التي أثارت جدلاً كبيرًا، دعمه القوي للقضية الفلسطينية، إذ سبق له أن وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري ترتكب إبادة جماعية في غزة، وقدم مشروع قانون لإنهاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لمنظمات أمريكية تمول المستوطنات. ورغم تأكيده على حق إسرائيل في الوجود كدولة، إلا أنه أوضح أنه يرفض التمييز الديني كأساس لحقوق المواطنة.
تلقى ممداني خلال حملته تهديدات عنصرية ومعادية للإسلام، بعضها استهدف عائلته، ما دفع شرطة نيويورك لفتح تحقيق في شبهة جرائم كراهية. ومع ذلك، واصل نشاطه الميداني المكثف، مستفيدًا من زخم شعبي هائل ومشاركة آلاف المتطوعين في حملته، معتمدًا على الرمزية في تحركاته، مثل الغطس في البحر احتجاجًا على ارتفاع الإيجارات.
يرى أن الحزب الديمقراطي فشل في تمثيل الطبقة العاملة والدفاع عن المهمشين، موجهًا انتقادات له على خلفية إعادة انتخاب ترامب وفقدان الثقة الشعبية. وصرّح أن حملته تمثل ردًا على هذا الخلل السياسي، وتعبر عن جيل يسعى لتغيير قواعد اللعبة.
وفي خضم التوترات السياسية والعرقية في نيويورك، يحرص ممداني على التأكيد أنه سيعمل، حال فوزه، على مكافحة الكراهية بكافة أشكالها، وزيادة التمويل المخصص لمواجهة الجرائم العنصرية، وخاصة معاداة السامية، مؤكدًا أن مدينته يجب أن تكون آمنة لجميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين أو الأصل أو الطبقة.
وبينما يحذر منتقدوه من وعود غير واقعية، يرى أنصاره فيه فرصة نادرة للتجديد السياسي. ويرى مراقبون أن حملته، سواء تُوجت بالفوز أم لا، تمثل نقلة نوعية في المشهد السياسي الأمريكي، وتجسيدًا لتحول ديمغرافي وثقافي متسارع داخل المدن الكبرى.