قلم يتحدث من قلب التعليم وصوت الأم

قلم يتحدث من قلب التعليم وصوت الأم

د.هند بنت محمد القحطاني، وزارة التعليم
مُهتمة في التربية والتطوير وتعليم اللُّغة الإنجليزيَّة

كقلم ينبض بالتعب في الميدان التعليمي، وصوت أم يعتصرها التوتر والخوف والقلق، نرى أن وزارة التعليم تتخذ القرارات ونحن في الميدان من ينفذ. والأجدر بالوزارة أن تستمع إلى صوت الميدان، فهو الأدرى باحتياجاته وتحدياته.

لقد أصبح طول العام الدراسي أمرًا لا خلاف عليه، فقد سلمنا للأمر الواقع. ولكن ما يثير القلق هو حالات الغياب الجماعية المتكررة دون أدنى شعور بالمسؤولية التعليمية أو الخوف من العقوبات.

ثم تأتي ترتيبات الاختبارات النهائية مباشرة عقب إجازة عيد الأضحى، بغض النظر عن الاعتبارات المجتمعية وصعوبة التهيئة للاختبارات في زحام الحياة الاجتماعية.

إن مثل هذه القرارات لا تمس شريحة بسيطة من المجتمع، بل تلامس جميع أفراد المجتمع السعودي بلا استثناء. لذا، من الضروري أن تأخذ وزارة التعليم المجتمع في الاعتبار عند تنفيذ القرارات المتسارعة والمتجددة. ينبغي مراجعتها بشكل فوري وعمل استطلاع رأي عام لتقييمها وتقويمها للمصلحة العامة. فلن نجد تعليمًا رصينًا يواكب متطلبات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الطموحة دون المحاولات الجادة في إحداث التوازن في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والنفسية لأفراد المجتمع.

من جانب آخر، لماذا تغيب أهداف بعض القرارات المتعلقة بالعملية التعليمية عن القادة والمعلمين؟ فمن هم في قلب الحدث، كالمعلمين على سبيل المثال، ليس لديهم أدنى دراية بشأن أهداف تلك القرارات. ربما تسهم درايتهم بهذه الأهداف في التخفيف من التذمر، أو الرفع من المعنويات والدافعية للتعلم لدى الطلبة، أو بالمشاركة الفاعلة في تنظيم العملية التعليمية بما يتوافق مع القرارات.

جدير بالذكر أن النجاح والتفوق لا يعتمد على المعلم فقط، بل يشترك فيه أطراف عديدة من بينها الأسرة، والمعلم، والبيئة المدرسية، والحالة الاجتماعية لطلبة، والحالة النفسية، والوعي، والقيم التي يمتلكها الطلبة نحو التعليم والتعلم الذاتي.

يعتقد الكثير للأسف أن التفوق يعني نجاح الطالب بدرجات مرتفعة جدًا، لكن النجاح هو حصول الطلبة على درجات تعكس قدراتهم ومهاراتهم ومدى تحصيلهم التعلمي التي تتأثر بالحالة الاجتماعية والصحية. فهل يعقل أن يتفوق جميع الطلبة في الفصل الدراسي الواحد بلا أي استثناء؟ وإن حصل، فهذا يدل على خلل في العملية التعليمية وتقويمها.

وعليه، نتمنى إعادة النظر في معيار أن جودة ومخرجات الطلبة تعكس بشكل فعلي جودة وأداء المعلم وتقويمه عليه. فإذا كان المعلم مقيدًا بهذا المعيار، فقد يجعله متساهلاً في تقويم الطلبة، ولن يدعمه ذلك للبحث عن التمايز بين الطلبة، مما يفقد معيًار مهمًا، ألا وهو الصدق والمصداقية.

نهيب بوزارة التعليم فك معيار ارتباط جودة وتفوق جميع الطلبة في المرحلة بجودة المعلم، وترك الحرية للمعلم بممارسة أدواره الجديدة المنوطة به كميسر للعملية التعليمية، ومرشد، وموجه، ومقيم لها. حتى يتمكن المعلم من الإبداع والاكتفاء بالشواهد التي يقدمها المعلم للأداء الوظيفي الجديد ومعاييره.

ومن جانب آخر تأتي الاختبارات المركزية لتحقيق العدالة بين الطلبة، وتجويد العملية التعليمية، وتحسين المخرجات. ولعل من المفيد جدًا أن تمتد الاختبارات المركزية لبقية المراحل الدراسية، وأن تكون الأسئلة ضمن الممكن، وألا تخرج عن إطار مناهجنا الدراسية عالية الجودة لتقيس المهارات الأساسية لكل المقررات الرئيسة.

وتشكر وزارة التعليم على جهودها الجبارة في إعداد وتنظيم وتجويد الاختبارات المركزية وتوثيقها لكل مدرسة. بهذا نقول بصوت مرتفع: وداعًا للملخصات، وداعًا لتكريم الجميع بالدرجات بدون رقابة، وداعًا للاستهتار بالعملية التعليمية من جميع أطرافها وهكذا نعود لسابق عهدنا، ليحصل كل مجتهد على ما يستحقه، وسوف يفرض المجتهد والمتميز ذاته وتميزه ويفخر بكل ما حصده طيلة العام الدراسي.