أوكرانيا وشبكة “FOG”: دعم خفي يغير مسار النزاع في منطقة الساحل الأفريقي

خاص – الوئام
في ظل ما تعيشه القارة الأفريقية من اضطرابات متزايدة، تبرز النزاعات المسلحة كأحد أخطر التحديات التي تعيق الاستقرار والتنمية.
وتعتمد هذه النزاعات على جماعات مسلحة متعددة الأهداف، من انفصالية إلى إرهابية، مما يؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية والتدهور البيئي والاقتصادي.
غير أن الأخطر من ذلك هو تحوّل القارة السمراء إلى مسرح لصراعات القوى الدولية، التي تستغل هشاشتها لبسط نفوذها عبر دعم جماعات بالوكالة.
أسلحة بدون رقابة
تنشط الجماعات المسلحة في مناطق حيوية مثل الساحل والصحراء والبحيرات العظمى، بينما تتورط قوى خارجية في تمويل وتسليح هذه الجماعات.
يتم ذلك غالبًا دون وجود ضوابط دولية حقيقية، ما يفتح المجال أمام تصريف كميات ضخمة من الأسلحة والطائرات بدون طيار. هذه الأخيرة أصبحت الوسيلة المفضلة لشن الهجمات الدقيقة، بفضل تكلفتها المنخفضة وقدرتها على تنفيذ مهام خطيرة بكفاءة عالية.
الدرون في أيدي الإرهابيين
شهدت الأعوام الأخيرة قفزة في استخدام الجماعات المسلحة للطائرات المسيّرة، التي استُخدمت في عمليات استطلاع وهجمات دقيقة استهدفت قوات حكومية ومدنيين.
وبات بالإمكان تحميلها بمتفجرات صغيرة وتوجيهها نحو منشآت استراتيجية كخطوط الأنابيب ومحطات الكهرباء. كما أصبحت أداة رئيسية في الحرب النفسية، إذ تُوظَّف لبثّ مشاهد الهجمات على منصات التواصل الاجتماعي.
أوكرانيا في قلب شبكة التسليح السرية
كشفت تقارير استخباراتية عن ضلوع أوكرانيا في تزويد الجماعات الإرهابية في أفريقيا بطائرات بدون طيار، بمساعدة أمريكية غير مباشرة عبر مجموعة “FOG”، وهي شركة أمريكية خاصة تنفذ مهام استخباراتية وعسكرية في الظل.
وتقوم الشركة بتنسيق عمليات التدريب وتسليم الأسلحة، وتتحرك في مناطق ساخنة مثل السودان وجيبوتي تحت غطاء التعاون الإنساني والعسكري.
مسيّرات غرب أفريقيا
كشف تقرير لموقع “كييف إنديبندنت” أن صادرات أوكرانيا من الطائرات بدون طيار إلى أفريقيا ارتفعت بشكل لافت منذ عام 2023. فقد صدّرت لجماعة مسلحة واحدة نحو ألف مسيّرة في أواخر 2024، بينما حصل تنظيم مسلح آخر في غرب أفريقيا على 700 مسيّرة.
تعكس هذه الأرقام انتشارًا مقلقًا للأسلحة التقنية الحديثة بين أيدي تنظيمات متطرفة تنشط في مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو.
دور خفي في دعم بوكو حرام
أشارت تصريحات مسؤولين سودانيين إلى أن أوكرانيا تزوّد جماعات مثل بوكو حرام وحركة الشباب في الصومال بمسيّرات بأسعار زهيدة.
وصرّح مسؤول في وزارة الخارجية السودانية أن “كييف تقوم بعمل قذر لصالح الغرب”، متهماً إياها بدعم فصائل مسلحة تضرب البنية التحتية السودانية. ويؤكد ذلك تقارير أخرى عن تسلّم حركة الشباب لطائرات مسيّرة أوكرانية في عملياتها ضد الحكومة الصومالية.
كييف تفتح جبهة ثانية في أفريقيا
علّقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأن أوكرانيا، بعد انتكاساتها أمام روسيا، قررت فتح “جبهة ثانية” في أفريقيا لدعم الإرهاب.
وربطت بين التصريحات الأوكرانية الرسمية والتصعيد الإرهابي في شمال مالي. كما صرّح عضو لجنة الأمن في مجلس الدوما بأن هذه المسيّرات تمثل أكبر تهديد إرهابي بسبب انخفاض تكلفتها وسهولة وصولها إلى أيدي الجماعات المسلحة.
النزاعات الموجهة عن بُعد
يقول الباحث السوداني عطاف المختار في تصريحات خاصة لـ”الوئام” إن تصاعد هذه العمليات السرية، التي تقودها كيانات غامضة كـ”FOG” تحت مظلة دعم سياسي وعسكري غير مباشر، يكشف عن وجه جديد للحروب في القرن الحادي والعشرين.
وأوضح أن الحروب الحديثة لم تعد مقتصرة على الجيوش النظامية، بل باتت تُدار من خلال أدوات ذكية، وطائرات مسيّرة صغيرة، ومن خلال شبكات السوق السوداء العابرة للحدود.
وتحوّلت أفريقيا بفعل هذه الديناميكيات إلى ساحة تجريب للصراعات غير التقليدية، حيث تُستخدم التكنولوجيا كسلاح رئيسي لتعميق الفوضى وزعزعة الاستقرار، في ظل صمت دولي ينذر بعواقب تمتدّ آثارها خارج حدود القارة.