تعزيزات عسكرية أمريكية غير مسبوقة في المنطقة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل

في ظل استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران للأسبوع الثاني، بدأت الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط بشكل لافت، بإرسال حاملة طائرات ثانية وعشرات الطائرات المقاتلة وناقلات الوقود الجوية إلى المنطقة، في خطوة تعكس استعدادًا واسع النطاق لاحتمالات التصعيد العسكري.
وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تحتفظ حاليًا بنحو 40 ألف جندي في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، منتشرين في قواعد رئيسية في البحرين والكويت وقطر والإمارات، فضلًا عن مواقع أصغر في الأردن وسوريا. ومن بين التعزيزات البارزة: مجموعتا قتال بحريتان بقيادة حاملتي الطائرات “كارل فينسن” و”نيميتز”، إلى جانب تسع مدمرات بحرية، وسرب من الطائرات المقاتلة من طراز F-16 وF-35 وF-22، وعشرات طائرات التزود بالوقود، فضلًا عن أنظمة دفاعية من طراز “ثاد” و”باتريوت”.
استعراض للقوة في البحر والجو
تتواجد حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسن” حاليًا في بحر العرب، وترافقها الطراد الصاروخي “يو إس إس برينستون” ومدمرتان من طراز “أرلي بيرك”. وعلى متنها قرابة 50 طائرة مقاتلة ومقاتلات هجومية من طراز F/A-18، وطائرات F-35C المتقدمة، بالإضافة إلى طائرات الحرب الإلكترونية E/A-18G Growler.
وبالتوازي، تستعد حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” للانضمام إلى المنطقة، برفقة أربع مدمرات صاروخية، وذلك في آخر مهمة تشغيلية لها قبل خروجها من الخدمة. وجود حاملتي طائرات في آن واحد داخل نطاق القيادة المركزية يُعد تكتيكًا اعتمدت عليه واشنطن في السنوات الأخيرة لإبراز قوتها وردع خصومها، لا سيما إيران.
قواعد جوية واستعدادات للضربة
في الجانب الجوي، تواصل القوات الجوية الأميركية تعزيز وجودها في قواعدها بالمنطقة، لا سيما في قاعدة “العديد” بقطر وقاعدة “علي السالم” بالكويت، حيث تنتشر أجنحة جوية هجومية تضم طائرات بدون طيار MQ-9 Reaper، ومقاتلات جاهزة للتدخل السريع. وفي الأسبوع الأخير فقط، عبرت أكثر من 24 طائرة تزود بالوقود المحيط الأطلسي باتجاه الشرق الأوسط وأوروبا لتعزيز الدعم اللوجستي.
كما تمتلك واشنطن قاعدة استراتيجية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، حيث يمكن لطائرات القاذفة الشبح B-2 أن تنطلق لتنفيذ ضربات دقيقة ضد منشآت نووية إيرانية مثل موقع “فوردو” المدفون عميقًا تحت الأرض، والذي لا تستطيع سوى القنابل الخارقة من طراز GBU-57 التي تحملها B-2 الوصول إليه.
جاهزية للدفاع والردع
وفي إسرائيل، نُشرت بطاريتان من أنظمة الدفاع الجوي “ثاد”، كل واحدة منها تُدار من قبل حوالي 100 جندي أميركي، وذلك في إطار التحسب لأي هجمات صاروخية قد تطال الأراضي الإسرائيلية أو القواعد الأميركية في المنطقة. وفي العراق وسوريا، تواصل القوات الأميركية المشاركة في عمليات “العزم الصلب” ضد فلول داعش، مع استمرارها في إدارة قواعد مزودة بمنظومات دفاع جوي “باتريوت” في أربيل وقاعدة “عين الأسد”.
تهديدات متبادلة وتصاعد التوتر
وفيما تُبدي واشنطن استعدادها للتدخل لردع إيران ومنعها من تطوير أسلحة نووية – رغم أن تقارير استخباراتية أميركية أفادت في مارس الماضي بعدم وجود مؤشرات على مضي طهران في هذا المسار – لا تزال التهديدات المتبادلة قائمة. المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي حذر هذا الأسبوع عبر مواقع التواصل من أن “الأذى الذي سيلحق بالولايات المتحدة في حال تدخلها عسكريًا سيكون لا يمكن إصلاحه”.
وتزامنًا، تتزايد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تنفذها ميليشيات موالية لإيران ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا. وقد أسفرت بعض هذه الهجمات في العام الماضي عن مقتل ثلاثة جنود احتياط في الأردن، بالإضافة إلى إصابات متعددة بارتجاجات دماغية في صفوف الجنود. وفي المقابل، تتدرب القوات الأميركية على التعامل مع مثل هذه الهجمات ضمن محاكاة ميدانية متقدمة.
تصعيد مفتوح على احتمالات خطرة
يعكس هذا الحشد العسكري غير المسبوق في الشرق الأوسط مدى خطورة المرحلة الحالية، خصوصًا مع فشل الجهود الدبلوماسية في تهدئة التصعيد بين إسرائيل وإيران، وانفتاح جبهات متعددة من اليمن إلى العراق وسوريا. في هذا السياق، يبدو أن الولايات المتحدة تستعد لمرحلة تتطلب جاهزية سريعة للردع أو التدخل، وسط غموض يلف مستقبل المواجهة في المنطقة.