البرلمان البريطاني يقر قانوناً تاريخياً يسمح بـ “المساعدة الطبية في الوفاة”

صوت البرلمان البريطاني، الجمعة، لصالح مشروع قانون يسمح بـ”الموت بمساعدة طبية” للأشخاص المصابين بأمراض عضال، في خطوة تمهد لتغيير اجتماعي هو الأوسع في البلاد منذ عقود.
وصوّت لصالح التشريع 314 نائبًا مقابل 291، ليُمرر المشروع إلى مجلس اللوردات (الغرفة العليا)، حيث سيخضع للمراجعة خلال الأشهر المقبلة، مع احتمال إدخال تعديلات عليه، رغم أن أعضاء المجلس غير المنتخبين نادرًا ما يعرقلون قرارات صادرة عن مجلس العموم المنتخب.
وبموجب مشروع القانون، سيُتاح للبالغين المصابين بمرض عضال في إنجلترا وويلز، والذين تبقى لهم ستة أشهر أو أقل في الحياة، والذين يتمتعون بكفاءة عقلية كاملة، الحق في إنهاء حياتهم بمساعدة طبية.
يأتي هذا التشريع ليضع بريطانيا في مسار مشابه لدول مثل كندا وأستراليا وبعض الولايات الأمريكية التي أقرت قوانين مماثلة.
ورغم حياد الحكومة العمالية بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر تجاه القانون، صوت الأخير لصالحه، في تصويت سمح لأعضاء البرلمان بالتصويت وفق قناعاتهم الشخصية بدلًا من الالتزام الحزبي.
وفيما رأى مؤيدو القانون أنه يوفر “الكرامة والرحمة” لمرضى يعانون من آلام لا تُحتمل، حذّر معارضون من أن بعض الفئات الهشة قد تتعرض للضغط لإنهاء حياتها، خشية أن تكون عبئًا على ذويها أو على الدولة.
جدل حاد ودموع خارج البرلمان
تجمع المئات أمام البرلمان انتظارًا لنتائج التصويت. وبعد إعلان الموافقة، عمّت الهتافات والدموع بين أنصار القانون، فيما ساد الصمت بين معارضيه.
وقالت إيما براي، البالغة من العمر 42 عامًا والمصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري، إنها تأمل أن يُخفف القانون من معاناة مرضى مثلها. وأضافت أنها تخطط لوقف الأكل خلال الشهر المقبل بعد أن قيل لها إن أمامها 6 أشهر فقط للعيش.
تراجع في الفارق التصويتي
وكان البرلمان قد صوّت مبدئيًا لصالح القانون في نوفمبر الماضي بفارق 55 صوتًا (330 مقابل 275)، إلا أن الفارق تراجع في جلسة اليوم إلى 23 صوتًا فقط، ما يعكس تزايد التحفظات بعد تقليص الضمانات التي كانت تتضمن موافقة قضائية مسبقة، واستبدالها بلجنة ثلاثية من طبيب نفسي وخبير قانوني واختصاصي اجتماعي.
ورغم ذلك، أكدت النائبة العمالية كيم ليدبيتر، التي تقدّمت بمشروع القانون، أنه يتضمن “بعضًا من أقوى الضمانات القانونية في العالم”.
تحذيرات من منظمات دينية وحقوقية
قال القس الكاثوليكي جون هوارد، الذي قاد مجموعة في الصلاة خارج البرلمان، إن القرار يمثل “يومًا مظلمًا لبريطانيا”، مشيرًا إلى مخاوفه بشأن إجبار بعض المرضى على إنهاء حياتهم بفعل ضغوط نفسية أو عائلية.
أما منظمة “Care Not Killing” المعارضة، فقد وصفت المشروع بأنه “خطير ويشوبه قصور جوهري”، وأشارت إلى أن البرلمان لم يخصص وقتًا كافيًا لمناقشة أكثر من 130 تعديلاً، معتبرة أن “مشروعًا يتعلق بالحياة والموت” يستحق نقاشًا أوسع واهتمامًا حكوميًا مباشرًا.