روسيا تفتقر إلى مرسيدس و”ستينغ” في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي: تكلفة الانفصال عن الغرب

روسيا تفتقر إلى مرسيدس و”ستينغ” في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي: تكلفة الانفصال عن الغرب

في مشهد يعكس التحوّل العميق في السياسة والاقتصاد الروسي منذ غزو أوكرانيا عام 2022، افتتح منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي يوم الأربعاء وسط غياب لافت لكبار المستثمرين الغربيين والنجوم العالميين، الذين كانوا في يومٍ ما يملؤون أروقة الحدث بعقود بمليارات الدولارات وعروض موسيقية فاخرة.

من “ستينغ” إلى نجوم الصف الثاني
قبل الحرب، كان المنتدى منصة مغرية لاستقطاب رؤوس الأموال الغربية، إذ شهد توقيع اتفاقيات ضخمة مثل مشروع خط أنابيب “نورد ستريم 2″، وشارك فيه قادة شركات كبرى مثل BP وChevron ودويتشه بنك. في 2018، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضيف الشرف، وفي 2011 أحيا المغني العالمي “ستينغ” حفلاً أمام قصر الشتاء.

أما هذا العام، فحلت البحرين ضيف شرف، واختيرت سيارات “Tank” الصينية بدلًا من سيارات “مرسيدس”، فيما جابت وفود من حركة “طالبان” قاعات المعرض، وغاب نجوم العالم، ليُترك المشهد لفنانين روس من الصف الثاني.

لا عودة للغرب.. ولو عاد
الرسالة الأساسية للمنتدى هذا العام كانت واضحة: روسيا لن تعود للاعتماد على الغرب.
فعلى الرغم من عودة قنوات التواصل بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، فإن المستثمرين الأميركيين الكبار واصلوا مقاطعتهم للحدث. كما أن الجلسة الروسية الأميركية، التي رُوّج لها بأنها تسعى لبناء شراكات طويلة الأمد، كانت مغلقة وبالدعوات فقط.

كيريل ديميترييف، المسؤول عن التنسيق مع واشنطن من الجانب الروسي، قال إن “روسيا لا يمكن أن تعتمد على الغرب”، لكنه شدد على الحاجة إلى “توازن”. وأوضح أن أكثر من 70 ممثلًا عن الشركات الأميركية حضروا المنتدى لكنهم لم يعلنوا ذلك “لأن بايدن جعل روسيا تبدو مخيفة”، حسب تعبيره.

القطيعة واقع.. و”ماكدونالدز” لن تعود
أوليغ باروييف، المدير التنفيذي لسلسلة مطاعم “فكوسنو إي توتشكا” التي حلت محل “ماكدونالدز” بعد انسحابها من روسيا، قال صراحة: “لا نرغب في عودة الأقواس الذهبية”.
وأضاف في جلسة حوارية: “البعض يظن أن العقوبات سترفع وسيعود كل شيء كما كان. نحن لا نعتقد ذلك. الأمور تغيرت ولن تعود كما كانت”.

وفي حين يعوّل البعض على مكالمة بوتين-ترامب التي جرت في فبراير الماضي كبادرة لفك العزلة، فإن الواقع يقول عكس ذلك؛ فلا شركة غربية عادت، ولا عقوبة رُفعت حتى الآن.

الرهان على الصين والشرق… محدود
رغم التوجه الروسي شرقًا نحو الصين والهند ودول الخليج، فإن الحضور الاستثماري من تلك الدول كان محدودًا.
رئيس شركة “روستيليكوم” الروسية الحكومية، ميخائيل أوسييفسكي، أشار إلى أن تصاعد الحضور الصيني يمثل “فرصًا وتحديات في آنٍ معًا”.

وفي قاعات المعرض، كانت المسيرات العسكرية العملاقة حاضرة، وتوقفت مركبات مدرعة أمام المركز الصحفي، فيما اختفت “كوكاكولا” لصالح بدائل محلية الصنع.

من جذب الاستثمار إلى حماية الذات
في كلمته، لخّص محافظ منطقة سامارا، فياتشيسلاف فيدوريشيف، تحوّل السياسة الاقتصادية بقوله: “قبل عشر سنوات، كنا نبحث كيف نجذب الاستثمارات الأجنبية بسرعة… اليوم، نناقش كيف نحمي تقنياتنا وأعمالنا”.