إسبانيا تحذر من إمكانية إفشال قمة الناتو المخصصة لإرضاء ترامب

أثار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أزمة داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد رفضه الصريح لمقترح زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي يسعى الحلف لإقراره في قمته المقبلة تلبيةً لمطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي رسالة شديدة اللهجة وجّهها سانشيز يوم الخميس، وصف هذا الهدف بأنه “غير واقعي”، محذرًا من آثاره الاقتصادية والاجتماعية السلبية، من بينها ارتفاع الدين والتضخم وتحويل الموارد من قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والتكنولوجيا نحو التسلح.
سانشيز: لا للابتزاز على حساب شعوبنا
وأكد سانشيز أن تحقيق هذا الهدف يتطلب رفع الضرائب على الطبقة المتوسطة، وتقليص الخدمات العامة والمنافع الاجتماعية، وهو ما اعتبره غير مقبول بالنسبة لإسبانيا ودول أخرى في الحلف.
وأشار أيضًا إلى أن الانسياق السريع لتحقيق النسبة المقترحة سيجبر الدول على شراء معدات جاهزة من خارج أوروبا، ما قد يُضعف الصناعات الدفاعية المحلية ويؤدي إلى مشكلات في توافق المعدات بين جيوش الحلف.
ردة فعل إسبانية تعرقل خطة روتّه
يُذكر أن الأمين العام للناتو، مارك روتّه، كان قد طرح خطة لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي بحلول 2030، مع إضافة 1.5% للإنفاق على البنى التحتية والأمن السيبراني ومشروعات ذات صلة بالأمن.
لكن الرسالة الإسبانية، إلى جانب تحفظات أخرى من بعض الدول، تمثل ضربة لهذا المقترح الذي كان يحظى بدعم واسع داخل الحلف.
ودعا سانشيز إلى خيارين بديلين: إما إعفاء بلاده من الالتزام بالهدف الجديد، أو اعتماد صيغة مرنة تجعل الإنفاق “اختياريًا” لا إلزاميًا.
قمة مختصرة لتجنب انسحاب ترامب
تُعقد قمة الناتو في لاهاي يوم الأربعاء المقبل وسط حالة من الترقب، خاصة بعد تهديد ترامب سابقًا بعدم حماية الدول التي لا تلتزم بهدف 5%. وقد قرر الحلف تقليص القمة إلى جلسة عمل واحدة مدتها ساعتان ونصف فقط، بدلاً من ثلاثة أيام، لتفادي انسحاب ترامب المبكر كما حدث في قمة مجموعة السبع الأخيرة.
وسبق لترامب أن انسحب من قمة G7 في كندا قبل انتهاءها، مدعيًا الحاجة للعودة إلى واشنطن لمتابعة تطورات النزاع بين إيران وإسرائيل، فيما قالت مصادر مطلعة إن انسحابه جاء أيضًا بسبب خلافات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورفضه لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
زеленسكي سيكون من بين المشاركين في العشاء الرسمي الذي يُعقد مساء الثلاثاء بدعوة من العاهل الهولندي، والذي يأتي ضمن محاولات بروتوكولية لجعل القمة “مختصرة وخالية من الإزعاج”، كما وصفها أحد المسؤولين.
في الخلفية: صراع مصالح وأولويات
ما يعمّق الخلاف داخل الحلف هو التباين في التزامات الدول؛ فإسبانيا لم تحقق حتى الآن هدف 2% الأصلي الذي تم الاتفاق عليه عام 2014. كما أن دولًا أخرى، مثل كندا وإيطاليا، بالكاد تصل هذا العام إلى النسبة ذاتها. في المقابل، تطالب دول أوروبا الشرقية برفع الإنفاق بسرعة، خوفًا من تهديدات روسية محتملة خلال خمس سنوات بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا.
تظل قمة لاهاي محطة اختبار حاسمة للعلاقة بين واشنطن وحلفائها، في ظل تقاطعات السياسة والاقتصاد والأمن، ورغبة الأوروبيين في تجنّب صدام جديد مع ترامب دون التفريط بمصالحهم الوطنية.