زلات اللسان والأخطاء تكشف عن الجوانب المخفية في شخصية الفرد

الدكتورة أسماء محمد سعد – استشارية الصحة النفسية والتربية الخاصة والاستشارات الأسرية
الهفوات وزلات اللسان والنسيان ظواهر بشرية شائعة لا يكاد ينجو منها أحد، وهي أمور طبيعية تحدث للناس في حياتهم اليومية، سواء في الأحاديث أو أثناء الكتابة أو في التصرفات المختلفة، وكثيرًا ما تمر مرور الكرام.
ولكن السؤال: هل تثير الانتباه أو تسبب مواقف محرجة أو حتى مضحكة؟ وقد تكون في بعض السياقات سببًا في توتر العلاقات أو كشف ما كان مخفيًا في النفس أو العقل الباطن؟
الإجابة تشير إلى أن علماء النفس واللغة والاجتماع والمهتمين بالسلوك الإنساني اهتموا بها، لأنها تكشف جوانب خفية من شخصية الإنسان وتفكيره، وتشير إلى طبيعة العقل البشري وكيفية عمله تحت الضغط أو في لحظات الارتباك أو التوتر أو حتى الارتياح الزائد؛ فالهفوة هي السقطة العرضية التي تقع في الكلام أو التصرف، وهي غالبًا غير مقصودة.
أسباب حدوثها
قد تحدث بسبب التسرع أو الشرود الذهني أو التعب أو عدم التركيز، أو بسبب انشغال الذهن بأمر آخر، في حين أن زلة اللسان هي نوع خاص من الهفوة تتعلق بالكلام تحديدًا، وهي عندما يقول الإنسان شيئًا لم يكن يقصده، أو يقول كلامًا غير ملائم للمقام، أو قد ينطق بكلمة مكان كلمة أخرى. وهذه الزلات قد تكون بسيطة وعادية.
وقد تكون محرجة أو فاضحة أحيانًا، وخاصة إذا أظهرت ما في نفس القائل دون قصد. أما النسيان، فهو فقدان مؤقت أو دائم للمعلومة أو للحدث أو للموعد أو حتى للمكان، وهو أيضًا سلوك شائع، ويتفاوت الناس فيه تفاوتًا كبيرًا، فبعضهم ينسى الأمور البسيطة بسرعة، وبعضهم يحتفظ بالتفاصيل لسنوات طويلة.
ونلاحظ أيضًا أن النسيان له أسباب متعددة، منها ما هو عضوي مثل التعب أو قلة النوم أو ضعف الذاكرة المرتبط بالعمر أو المرض، ومنها ما هو نفسي كالتوتر والقلق والاكتئاب أو الصدمات النفسية أو كثرة التفكير والانشغال المفرط.
والملاحظ أيضًا أن النسيان لا يعني بالضرورة الضعف، بل أحيانًا يكون وسيلة دفاع نفسي لتجاوز أحداث مؤلمة أو لتجنب التشتت أو لتركيز الذهن على الأهم. وقد يكون للنسيان جانب إيجابي حين يخفف من وطأة التجارب السلبية.
ويمنح الإنسان فرصة للبدء من جديد. وعلى الرغم من أن هذه الظواهر تبدو غير مرغوبة في ظاهرها، إلا أنها جزء من الطبيعة البشرية، ولا يمكن التخلص منها بالكامل.