لم أفعل شيئًا، كنت فقط أصفق.

لم أفعل شيئًا، كنت فقط أصفق.

في يوم كنا مجموعة من أساتذة جامعة الخرطوم معتقلين من أمام دار الأساتذة في شارع الجامعة إلى معتقلات الأمن السياسي في بحري.
جاءوا بمجموعات أخرى من المعتقلين كانوا في مظاهرات في مواقع مختلفة.
جلس واحد من تلك المجموعات لا أعرفه غير بعيد مني، قال له واحد من أفراد الجهاز: (انت مارق في مظاهرة وداير تسقط الحكومة صح؟)
رد صاحبنا : لا لا أنا ما طلعت في مظاهرة.
_ كيف يا زول ما طلعت في مظاهرة؟
رد صاحبنا: اي ما طلعت في مظاهرة.
_ وجيت هنا كيف يعني؟ ناسنا ديل صحوك من النوم يعني في بيتكم ورفعوك في البوكس وجابوك هنا؟؟
رد صاحبنا: لا لا.
_ طيب انت كنت وين؟
أنا كنت جنب صيدلية كمبال.
_ أها
بعدين جاء الموكب.
_ طيب انت لما الموكب جاء عملت شنو؟
انا ما عملت حاجة، أنا بس صفقَّت.
_ صفقَّت؟!!
وطبعاً كده صاحبنا دا وقع وما سمَّى مع فرد الأمن اللئيم داك، وحقيقة هو الاداهو الفرصة بكلامه التعبان دا، مفروض يسردب بس.
زول الجهاز بقى بس بردد ليهو كلمته القالها دي و بطريقة مايعة : ( أنا ما عملت حاجة أنا بس صفقَّتَ). صفقَّتَ؟!
هسه دا كلام ليك : (أنا ما عملت حاجة، أنا بس صفقَّت). صفقَّت؟!
ويمشي يغيب منو شويه ويرجع ليهو تاني : (أنا ما عملت حاجة، أنا بس صفقَّت) صفقَّت؟!
لا أذكر كم مرة أعاد تلك الجملة وكم مرة أتبعها له بسؤاله : صفقَّت ؟!
لكني تذكّرتها الآن بعد هذه السنوات حيَّة وصوت فرد الجهاز اللئيم أسمعه في أذني وأنا أشاهد صورة هذا البائس :
أنا ما عملت حاجة، أنا بس صفقَّت.

عمر الحبر