كنوز الضيافة تتجدد: ٧ فنادق تاريخية في مشروع إنقاذ سياحي كبير

كنوز الضيافة تتجدد: ٧ فنادق تاريخية في مشروع إنقاذ سياحي كبير

فى خطة مصرية طموحة لإحياء فنادق خلدها الزمن، وفى مشهد يعيد الذاكرة إلى مجد أيام الضيافة الذهبية، اجتمع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، لمتابعة خطة طموحة تستهدف تطوير ٧ من أعرق الفنادق التاريخية فى مصر، هذه الفنادق، التى جمعت بين دفتيها ملوكًا، وأدباء، وثوارًا، باتت اليوم على أعتاب ولادة جديدة، بشراكة استراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص، تهدف إلى صيانة الذاكرة، وتعظيم العوائد، وتقديم منتج سياحى يليق بمكانة مصر.

وفى مقر رئاسة الوزراء، حضر وزراء السياحة والآثار، وقطاع الأعمال، والاستثمار، إلى جانب كبار المستثمرين فى القطاع الفندقى، وكان محور الحديث هو «إيكون»، الشركة العربية للاستثمارات الفندقية والسياحية، التى حصلت فى ديسمبر ٢٠٢٣ على نسبة من ملكية الفنادق السبعة، المطروحة ضمن برنامج الطروحات الحكومية.

وأكد رئيس الوزراء أن هذه الخطة ليست مجرد تطوير هندسى، بل إعادة إحياء لهوية مصر السياحية، واستثمار فى الذاكرة، وتحقيق لأهداف وثيقة «سياسة ملكية الدولة» من خلال شراكات مستدامة تعزز الكفاءة التشغيلية وتزيد من تدفق السائحين.

فنادق تنبض بالحكايات

الفنادق المستهدفة بالتطوير ليست مجرد مبانٍ، بل هى روايات بحد ذاتها، كل غرفة فيها تحمل قصة، وكل ممر شهد على لحظة تاريخية، ولعل أبرز هذه الكنوز المعمارية:

فندق وينتر بالاس الأقصر.. هنا كتبت أجاثا كريستى منذ إنشائه عام ١٨٨٦ بواسطة شركة «توماس كوك»، ارتبط فندق وينتر بالاس بالشتاء الملكى والدفء الفرعونى، فيه أقام «هوارد كارتر» بينما كان يبحث عن مقبرة توت عنخ آمون، وفيه أيضًا ألهمت ضفاف النيل الكاتبة البريطانية أجاثا كريستى بروايتها الشهيرة «الموت على النيل» الفندق يزهو بطرازه الفيكتورى وحدائقه الخضراء المورقة، ولايزال أحد أجمل النُزل فى مدينة الأقصر جنوب مصر بواجهة ساحرة على ضفاف النيل الخالد.

ومن هذه الفنادق أيضا «مينا هاوس الجيزة» فهو فى البدء كان استراحة ملكية وشهد مؤتمرًا للسلام وبجوار أهرامات الجيزة، يقف شامخا، فندق ماريوت مينا هاوس شاهقًا بعبقه التاريخى، بدأ كاستراحة للصيد للخديو إسماعيل، ثم تحول إلى فندق عام ١٨٨٦، احتضن فى ديسمبر ١٩٧٧ مؤتمر «مينا هاوس» الذى مهّد لاتفاقية كامب ديفيد، جامعًا بين السادات، وكارتر، وبيجن، هو فندق شاهد على تحولات سياسية كبرى، ويعد اليوم فرصة ذهبية للربط بين التراث والسياسة والسياحة.

أما كاتراكت أسوان، فهو شلال الذكريات، بُنى على حافة الجرانيت الوردى، يطل على النيل بجلال، افتُتح عام ١٨٨٩، وسرعان ما أصبح قبلة للزوار من العائلة الملكية، والسياسيين، والكتاب، أبرزهم ونستون تشرشل، والأميرة ديانا، واجاثا كريستى التى أقامت به أثناء كتابتها رواية أخرى تدور أحداثها فى أسوان.

أما فندق سيسيل الإسكندرية، فهو عطر البحر وحبر الأدب، تديره الآن شتايجنبرجر ويعرف باسم شتايجنبرجر سيسل، أُنشئ عام ١٩٢٩، يعانق كورنيش الإسكندرية، ويحتفظ بأسرار الأدب والفكر، فيه أقام «لورانس دوريل» وكتب «رباعية الإسكندرية»، وفيه أقام طه حسين، وأم كلثوم، وعمر الشريف.

تطوير برؤية عالمية

المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصانى، أوضح أن عمليات التطوير الجارية تركز على الترميم الدقيق للمبانى التاريخية، مع الحفاظ على الطابع المعمارى الأصيل. فى الوقت ذاته، يتم تحديث الخدمات الفندقية لتواكب المعايير العالمية فى الضيافة.

وتشير الخطط إلى استثمارات ضخمة، ستنعكس لاحقًا على تحسين التجربة السياحية وزيادة الطاقة التشغيلية، مما يعود بالفائدة على الدولة والمستثمرين، ويخلق فرص عمل جديدة، ويدعم جهود الترويج لمصر كمقصد فاخر وساحر.

رهان على الماضى لصناعة مستقبل مزدهر

ما يجرى اليوم هو أكثر من تطوير فنادق، إنه مشروع لإحياء كنوز منسية على الخريطة السياحية. المشروع يراهن على المزج بين العراقة والتجديد، بين الخصوصية المصرية والرؤية العالمية. وإذا ما سارت الخطة وفق الجدول، فإن مصر ستكون على موعد مع نهضة فندقية تُعيد إليها مكانتها كواحدة من أكثر الوجهات جذبًا فى العالم.

من أسوان إلى الإسكندرية، ومن الجيزة إلى الأقصر، هناك إرث يُستعاد، وصورة تتجمل، وسياحة تعود لتنبض بحيوية جديدة.