مجرد وجهة نظر… تصريحات رئيس الهيئة (2)

مجرد وجهة نظر… تصريحات رئيس الهيئة (2)

كان التصريح الثاني الذي أطلقه رئيس هيئة البترول: “إن نجاح الشركاء هو نجاح لقطاع البترول، ونضمن استدامة تسديد مستحقاتهم.”

تصريح موجز، يتميز بحرفية عالية، ويغلب عليه الطابع الواقعي وقوة الالتزام. هذا الموضوع يُعد من أخطر التحديات التي تواجه قطاع البترول، بعيداً عن البيانات المسهبة التي تصدرها الوزارة تجاه أي حدث أو إنجاز، والتي لا نعرف على وجه الدقة القناعة وراء هذا التطويل المبالغ فيه.

لا نعلم في أي سياق جاء هذا التصريح تحديداً، لكن ما نعرفه جيداً أننا سبق أن فتحنا هذا الملف الشائك تحت عنوان: “هل نجح الشركاء في إدارة شركاتنا؟”، وتصريح المهندس صلاح عبد الكريم يتقاطع مع هذا الأمر بشكل إيجابي، ليشكل نقطة محورية حقيقية في صورة العمل والسياسات داخل القطاع.

ولأول مرة يصدر عن رئيس هيئة البترول تصريح بهذا الوضوح والحسم، يوضح ضرورة التعامل مع الشركاء من منظور استثماري طبيعي قائم على قناعة أن الشريك له مصالح مثلك تماماً، وليس مجرد وسيلة لسد احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية ثم تأتي أرباحه لاحقاً.

الابتعاد عن هذا المفهوم القاصر يُرسّخ أساساً للاحترام المتبادل والندية في التعامل وصنع القرار، لأنه لا معنى لاستثمار يُستدعى لتحقيق مطالبك فقط. هذه النقطة تحديداً أثارها هذا الموقع مراراً، محاولين ترسيخ مفهوم أن الشريك لم يأت طمعاً في مكاسب دبلوماسية أو خيرية، بل لتحقيق أرباح مالية محددة، لكن للأسف سيطر على بعض شركاتنا أسلوب التعامل التقليدي الذي يرى في الشريك “خواجة” يجب أن يتحمل التكلفة أولاً ثم تأتي حقوقه ومكاسبه “حسب التساهيل”.

هذا الفهم الخاطئ أضر بشركاتنا بشدة، وجعل الإنفاق يتقلص إلى أدنى مستوياته، بل أدى إلى توتر العلاقات بين الأعضاء المنتدبين بسبب تضارب التوجهات.

تصريح عبد الكريم – إذا ما فُعِّل بالشكل الصحيح – من المفترض أن يضع حداً لهذا النهج الخاطئ، خاصة أنه يتماشى مع الجهود الدبلوماسية المكثفة التي يبذلها الوزير منذ توليه المسؤولية لإعادة بناء الثقة مع الشركاء، تلك الثقة التي تآكلت بشكل كبير في السنوات الماضية.

وأرى ضرورة أن يأخذ هذا التصريح مساره الصحيح عبر البوابة الإلكترونية للقطاع بقيادة المجتهد محمد رضوان، بحيث يتم إعداد تقديرات مبدئية لتكلفة أي اكتشاف جديد في المناطق المطروحة للاستثمار، مع وضع جداول زمنية لاسترداد هذه التكاليف بناءً على الاحتياطي المتوقع. وينبغي أن تُعرض هذه البيانات – بأرقامها وتواريخها – على الحكومة، حتى تكون على دراية واضحة بمسارات تسديد مستحقات الشركاء خلال السنوات الخمس المقبلة.

هذه هي قوة التصريحات التي تفتح مجالاً جاداً للنقاش، وتدفع نحو تطوير أساليب العمل، وإعداد حسابات دقيقة للتكلفة والعوائد، بما يعكس واقعية في تحديد استراتيجيات القطاع بعيداً عن الجدل والتكهنات والإسهاب الذي يضيع معه جوهر المعلومة والإنجاز. والسلام،

#سقراط