مجرد وجهة نظر…السنترال: السبب الخفي وراء تأخر الزيادة؟

مجرد وجهة نظر…السنترال: السبب الخفي وراء تأخر الزيادة؟

عاشت مصر خلال الأيام الماضية واحدة من أكثر الأزمات التقنية حساسية، تمثلت في اندلاع حريق هائل بمبنى سنترال رمسيس المركزي، وهو من أهم مراكز التحكم في البنية التحتية الرقمية في البلاد. هذا الحريق – الذي التهم جزءًا كبيرًا من منظومة نقل البيانات – لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كشف هشاشة ارتباطنا الحيوي بالتكنولوجيا، وجعل ملايين المواطنين يشعرون بأن العالم توقف فجأة.

عندما احترقت الأسلاك..احترق معها الروتين اليومي

في لحظة واحدة، توقفت تطبيقات البنوك، تعطلت ماكينات الصراف الآلي، تعثرت أرقام الطوارئ، وتأثرت بعض أنظمة الطيران. أصبح المواطن غير قادر على إنجاز أبسط تعاملاته، من تحويل الأموال وحتى شراء الخبز ببطاقات التموين الذكية.

هكذا، أيقن الناس أن حياتهم اليومية باتت رهينة لأرقام ورموز إلكترونية، وأن المنصات والأنظمة التي اعتادوا الاعتماد عليها بلا تفكير، يمكن أن تتوقف فجأة، دون سابق إنذار.

كتائب رمسيس: بطولة في صمت

وسط ألسنة اللهب، ظهرت صورة الوطن الحقيقية: شباب فنيون بسطاء، أطلقت عليهم مجازًا “كتائب رمسيس”، افترشوا الأرض في لهيب الحر، يحملون عُددهم، ينفذون عمليات توصيل كبائن جديدة بديلاً عن الدوائر المحترقة، محاولين إعادة النبض الإلكتروني إلى قلب مصر المعطل.

كان مشهدًا إنسانيًا بالغ الدلالة: هؤلاء ليسوا جنرالات، ولا قادة رأي، بل شباب يملكون المهارة والانتماء، ويعملون دون ضجيج.

درس في معنى الحرب الحقيقية

هذا الحريق كان نموذجًا مصغرًا لما يمكن أن تفعله الحرب في بلد يعتمد على التكنولوجيا في كل شيء. صمتت الأجهزة، وتوقفت الخدمات، وتاهت الحياة في غياب إشاراتها الرقمية.

رسالة بليغة إلى من يتحدثون عن “الحروب الافتراضية” عبر مواقع التواصل، وكأنها مغامرة سهلة من خلف الشاشات. الحقيقة أن الحرب حين تأتي، لا تتيح رفاهية التحليل والتغريد، بل تفرض واقعًا لا يُحتمل.

البترول.. والسؤال الغائب

من بين الأسئلة التي أثيرت بهدوء: هل تأثرت غرف التحكم التابعة لقطاع البترول؟
لم تُصدر وزارة البترول حتى الآن أي بيان يوضح موقف مركز التحكم الرئيسي في شبكة توزيع الغاز، أو ما إذا كان مركز البيانات المركزي الذي أُشير إليه في حوار المتحدث الرسمي للوزارة مع “الأهرام الاقتصادي” في 9 مارس 2025 قد تعرض لأي عطل أو تهديد مباشر.

غياب هذا التوضيح الرسمي يفتح الباب أمام تساؤلات مهنية مشروعة، خاصة أن هذه الأنظمة الحيوية لا تقبل بالتقديرات أو التعتيم.

هل تأخر صرف العلاوة بسبب الحريق؟

وسط كل هذا الارتباك، لم يكن غريبًا أن يتساءل البعض: هل تأخر إصدار القرارات التنفيذية الخاصة بعلاوة العاملين لهذا العام بسبب هذا الحريق؟

رغم أن الإجابة الرسمية لم تصدر، فإن الارتباط الزمني بين الحريق وتأخر الإجراءات يجعل هذا الاحتمال واردًا. فمن يدري؟ حين تتوقف الدولة رقميًا، تتعطل – بالضرورة – كل القرارات المتصلة بأنظمتها الإدارية والمالية.

ما حدث في سنترال رمسيس ليس مجرد حريق، بل ناقوس خطر يدق بقوة، يفرض علينا إعادة التفكير في جاهزية الدولة رقمياً، وأهمية وجود بدائل وغرف تحكم احتياطية لكل منشأة أو قطاع استراتيجي.

كما أنه أعاد التذكير بقيمة الإنسان، لا النظام فقط. ولعلنا نتعلم من الدرس، قبل أن يأتي الدرس القادم أكثر قسوة.والسلام،
#سقراط