مجرد وجهة نظر… وأين تقع مسؤولية “أوسوكو”؟

مجرد وجهة نظر… وأين تقع مسؤولية “أوسوكو”؟

لا تزال فاجعة انقلاب البارج البحري ماثلة في الأذهان، خاصة في ظل استمرار فقدان 3 من العاملين الذين لم يتم العثور عليهم حتى الآن. بلا شك، الحادث مأساوي بكل المقاييس، فجهاز بهذه الضخامة لا يمكن أن ينقلب بهذه السهولة دون وجود ثغرات كبيرة في منظومة السلامة والتخطيط.

وبطبيعة الحال، اشتعلت ردود الفعل وانفجر بركان من الغضب والتكهنات، وارتأت الجهات المختصة تشكيل لجنة فنية للتحقيق، وهي خطوة معتادة في مثل هذه الحوادث. الجميع تقريبًا وجّه أصابع الاتهام إلى الشركة المالكة للبارج، محمّلاً إياها المسؤولية الكاملة، وهذا موقف مفهوم ولا جدال فيه.

لكن، في خضم هذا التركيز، تم إغفال جانب آخر لا يقل أهمية: مسؤولية الشركة التي تعاقدت مع الجهاز، وهي هنا شركة أوسوكو.

فالجهاز – أيًا كان نوعه – في النهاية هو منتج يُعرض في السوق كأي سلعة، يخضع لقوانين العرض والطلب. وحينما تقدم شركة ما على استئجار هذا الجهاز، فإنها تكون قد درست مواصفاته بدقة، واطّلعت على تاريخه الفني وسجله التشغيلي، وتأكدت من استيفائه لكافة شروط السلامة، بما في ذلك تراخيص التشغيل وشهادات الصلاحية.

بل وتبدأ مسؤولية الشركة المستأجرة – في هذه الحالة “أوسوكو” – من لحظة بدء تحرك الجهاز نحو موقع العمل. فهي من يحدد مسار الرحلة، ويضع الشروط الفنية لعملية الانتقال، بل وتفرض على الجهة المالكة آليات معينة لضمان السلامة، حتى قبل الوصول إلى الموقع.

هذه ليست افتراضات، بل قواعد واضحة في البروتوكولات المتعارف عليها في مثل هذه الأنشطة شديدة الحساسية. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون “أوسوكو” على علم تام بكل تفاصيل الجهاز، وظروف تشغيله، وإجراءاته ومسار حركته، وتوقيتاته.

ولا يتعارض هذا مع كون الشركة المالكة هي “شريك” في اتفاقية تطوير الحقول المتقادمة، لأن دورها هنا ينفصل تمامًا عن دورها كشركة تنفيذ أو كمقاول خدمات. الخلط بين هذه الأدوار قد يؤدي إلى اختلالات حادة في منظومة اتخاذ القرار داخل “أوسوكو”، وهو ما يجب التوقف أمامه بجدية.

وإذا كان معالي الوزير قد اجتمع بقيادات الشركة المالكة للبارج لاستيضاح الملابسات ومتابعة عمليات البحث عن المفقودين – وهو الجانب الإنساني الأكثر إلحاحًا حتى الآن – فإن من المنطقي أن يعقد اجتماعًا موازيًا مع إدارة “أوسوكو” نفسها، لمراجعة شروط التعاقد، وأسباب اختيار هذا الجهاز تحديدًا، ومدى كفاءة الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها منذ البداية.

ربما تكون مسؤولية “أوسوكو” هي الأقرب إلى موقع الحدث والأكثر مباشرة، لا سيما من الناحيتين الإدارية والفنية. ولذلك فإنه على المهندس وليد الأعصر رئيس الشركة ، فتح تحقيق مستقل داخل الشركة ، وهذا أمر ضروري، ويجب أن يشمل تقييمًا موضوعيًا لأداء فريق التعاقدات، ووظائف الشريك، وآليات الرقابة الداخلية، حتى تتضح الصورة كاملة، ويتم تلافي مثل هذه الكوارث مستقبلًا. والسلام،

#سقراط