بسبب تلوث المياه ونقص التغذية، الشلل الرخو الحاد يزداد بين أطفال غزة

بسبب تلوث المياه ونقص التغذية، الشلل الرخو الحاد يزداد بين أطفال غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يشهد قطاع غزة تزايداً في حالات الإصابة بمرض الشلل الرخو الحاد، وهو اضطراب عصبي نادر يُصيب الأطفال بشكل مفاجئ، ويتسبب بضعف شديد في العضلات قد يصل إلى فقدان القدرة على الحركة.

من بين هذه الحالات الطفلة أسيل رامي سعد (10 سنوات)، التي انهارت فجأة دون سابق إنذار، ليكتشف الأطباء إصابتها بالتهاب في الأعصاب أدى إلى ارتخاء حاد في جسدها.

وعلى الرغم من التحسن الطفيف بعد خضوعها للعلاج الطبيعي وتناول الأدوية، فإن حالتها الصحية لا تزال هشة. ويواجه ذووها صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتها الغذائية والطبية، إذ تعيش الأسرة في خيمة وسط مدينة غزة بعد نزوحها من حي الشجاعية، في ظل ظروف إنسانية ومعيشية قاسية تحول دون توفير أدنى مقومات الرعاية.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، تسجيل 95 إصابة بمتلازمة “غيلان باريه” النادرة بينهم 45 طفلا، محذرة من “انتشار مقلق وسريع” لها بين الفلسطينيين جراء تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي.

وقال مدير عام الوزارة د. منير البرش، غداة إعلان الصحة تسجيل 3 وفيات بهذه المتلازمة النادرة بينهم طفلان لم يتجاوزا 15 عاما، إن هذه المتلازمة المعروفة باسم الشلل الرخو الحاد تصنف ضمن “الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال”.

وأكد أن قطاع غزة سجل 95 إصابة بهذه المتلازمة خلال “مدة قصيرة” لم يحددها، بينهم 45 طفلا، في حين أن المعدل الطبيعي للإصابة بها لا يتجاوز حالة واحدة سنويا، وفق قوله.

وأشار البرش إلى أن هذه المتلازمة تبدأ بفقدان مفاجئ في القدرة على تحريك العضلات إذ تُصيب الأطراف السفلية أولا ومن ثم تمتد إلى الأعلى وقد تتسبب بصعوبة في التنفس تؤدي للوفاة.

وفي 22 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 45 حالة “شلل رخو حاد” في القطاع خلال يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز في ارتفاع غير مسبوق بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية وسوء التغذية.

وأرجع البرش انتشار هذا المرض النادر في غزة إلى “تلوث المياه وسوء التغذية” الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. كما عدّ هذا الانتشار الذي وصفه بـ”السريع” للمرض بغزة “مؤشرا خطيرا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية”.

والاثنين، أعلنت الوزارة تسجيل 3 حالات وفاة بينهم طفلان بمتلازمة “غيلان باريه” جراء سوء التغذية وفشل محاولات إنقاذهم لعدم توفر العلاج، محذرة من “كارثة حقيقية مُعدية ومحتملة”.

ومتلازمة “غيلان باريه” هي اضطراب يؤثر غالبا على الأعصاب في جميع أنحاء الجسم ما يؤدي إلى تلفها، ويحدث بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لأجزاء من الجهاز العصبي ومن أبرز أعراضها، “الضعف العام، والوخز والخدر في الأطراف والشلل الكامل”.

بدوره، يقول رئيس قسم الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي في خانيونس، أحمد الفرا، إن المرض يصيب كافة الأعمار، لكنه ينتشر بشكل أكبر بين الأطفال، ويبدأ بضعف في الأطراف، ثم يفقد الطفل القدرة على الوقوف أو المشي، ويتطور لاحقاً إلى شلل تام في أعضاء الجسم، ويصل أحياناً إلى الجهاز التنفسي، “ما يضطرنا في بعض الحالات إلى استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي”.

ويبين أن، العلاج الأمثل لهذا المرض هو دواء مينوغلوبين المناعي، وهو باهظ الثمن، ويحتاج إلى حفظه في درجات تبريد خاصة، لكنه غير متوفر حالياً في غزة بسبب منع الاحتلال إدخاله إلى القطاع.

وأشار إلى وجود بديل علاجي آخر يعتمد على تنقية البلازما عبر فلاتر خاصة لإزالة الأجسام المناعية المهاجمة للأعصاب الطرفية، لكن الاحتلال يمنع دخول هذه الفلاتر أيضاً، ما يعطل تطبيق هذا البروتوكول العلاجي.

ويضيف الطبيب الفرا: “الشلل الرخو الحاد له علاقة مباشرة بضعف جهاز المناعة الناتج عن سوء التغذية، وكذلك بشرب المياه غير النظيفة، ويُعتقد أن الكثير من الحالات تبدأ بعد نزلات معوية أو فيروسية تؤدي إلى مهاجمة الجهاز المناعي للأعصاب الطرفية”.

وسجلت مستشفيات قطاع غزة 188وفاة ناتجة عن المجاعة وسوء التغذية منذ حرب الإبادة الإسرائيلية، من بينهم 94 طفلاً.

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن أكثر من مليون طفل يعانون سوء تغذية حادّاً في القطاع، مع غياب الغذاء وشح المياه، وتدهور المنظومة الصحية.

وفي 24 يوليو الماضي، حذرت منظمة “أوكسفام” للإغاثة الدولية في بيان، من أن الأمراض في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة وذلك بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية.

وفي وقت سابق، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن الأطفال في غزة يواجهون الموت جراء القصف وسوء التغذية والجوع ونقص المساعدات والخدمات الحيوية.

وأكدت المنظمة الأممية أن أطفال قطاع غزة بحاجة إلى الغذاء والماء والدواء والحماية. والأهم من ذلك كله، هم بحاجة إلى وقف إطلاق النار، الآن.

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. يأتي ذلك في وقت تعاني فيه مستشفيات غزة من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، وانهيار شبه كامل في قدراتها التشخيصية والعلاجية.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.