الجوع يفتك بالأرواح في غزة والعالم يتجاهل المشاهد المروعة

الجوع يفتك بالأرواح في غزة والعالم يتجاهل المشاهد المروعة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في عالمٍ ما زال يقف مكتوف الأيدي مغمض العينين خاليًا من تحركٍ لضمائرٍ حيّة تسمع ناقوس الخطر يُدق في قطاع غزة المكلوم بحرب تجويعٍ صهيونية غاشمة وإبادة جماعية نازية، ينهش الجوع الأرواح صغارهم وكبارهم شبابهم وعجائزهم فيرتقي العشرات شهداء ضحايا للجوع.

فيما ينتظر المئات بل الآلاف، “تسونامي” حقيقي يقطف أرواحهم بغتة بعد أن عجزت أقدامهم عن حملهم وتهاوت أجسادهم صريعة “سوء التغذية” من الدرجة الخامسة (المجاعة الكارثية)، بانتظار صحوة للإنسانية تنقذ ما تبقى من بين “فكّي المجاعة” التي فرضها الاحتلال المجرم عامدًا متعمّدا لكسرة إرادة شعبٍ بأكمله على مرأى ومسمع العالم.

ومئات القصص المصورة بالصوت والصورة تحكي أبشع مجزرة إنسانية عرفها التاريخ الحديث، في وقت لا تزال فيه التحذيرات الأممية تتوالى بشأن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، تؤكد الأرقام أن سياسة التجويع باتت واقعا قاتلا للأطفال والكبار على حدٍ سواء، في ظل حصار محكم منذ أشهر ومنع ممنهج لوصول الغذاء والدواء.

وتشير بيانات أممية حديثة إلى أن أكثر من مليون طفل في غزة يواجهون خطر الجوع، وسط تحذيرات من تفشي سوء التغذية الحاد بينهم بوتيرة متسارعة.

ووفقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فإن الأطفال يشكّلون الشريحة الأضعف والأكثر تضررا من هذه الأزمة، مع تعذّر وصول المساعدات إلى معظم مناطق القطاع نتيجة القيود العسكرية الإسرائيلية المشددة.

وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن الجوع بات “واقعا مروّعا” يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال، مشيرة إلى أن أكثر من 70 ألف طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، بينما شُخّص أكثر من 5 آلاف طفل دون سن الخامسة رسميا بهذه الحالة خلال شهر مايو/أيار وحده.

وحذرت الوزارة من أن ما يجري في غزة سياسة تجويع ممنهجة تتبعها إسرائيل وأسفرت حتى الآن عن 86 حالة وفاة بسبب الجوع، بينهم 76 طفلا، وهي أرقام مرشحة للارتفاع في ظل غياب التغذية العلاجية واستمرار الحصار.

كذلك أوردت تقارير ميدانية قصصا مفجعة عن رضّع فقدوا حياتهم بعد أيام من تناولهم مشروبات عشبية فقط، في ظل فقدان الحليب الصناعي وانعدام المواد الغذائية الأساسية للأمهات المرضعات.

وتشير تقديرات برنامج الغذاء العالمي إلى أن ثلث سكان القطاع لم يتمكنوا من تناول الطعام لأيام متتالية، بينما يعيش ربعهم في ظروف تُشبه المجاعة، الأمر الذي يزيد من هشاشة الوضع الصحي والنفسي للأطفال ويدفعهم إلى حافة الخطر.

من جهتها، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن الأزمة مرشحة للتفاقم السريع ما لم يُسمح بإدخال المساعدات الغذائية والعلاجية بشكل عاجل.

وأكدت أن أكثر من 100 ألف طفل وحامل في غزة يعانون من مستويات حرجة من سوء التغذية، وذلك يجعل حياتهم في خطر دائم.

وتُتهم إسرائيل باستخدام الجوع كسلاح، إذ وثّقت منظمات دولية، بينها “أمنستي”، أدلة تشير إلى تجويع السكان المدنيين بشكل ممنهج، وهو ما يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويرقى إلى جريمة إبادة.

وفي ظل غياب حل سياسي أو تدخل دولي فاعل، تستمر معاناة أطفال غزة في التفاقم، بينما العالم يكتفي بإطلاق النداءات.

وبينما تتوالى صور الأطفال الذين فقدوا أوزانهم، أو لفظوا أنفاسهم الأخيرة بين أذرع أمهاتهم، تظل أصوات الجوع في غزة أقوى من الصمت الدولي وأشد قسوة من أي خطاب.