بين استمرار معاناة الفلسطينيين وهروب المستوطنين: حيث يتجلى الفارق بين صاحب الحق والسارق.

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بينما الذي تختنق فيه غزة من كل جانب، وتضيق على أهلها الذين يعانون منذ أكثر من 20 شهرًا ويلات القتل والتجويع والحصار، لا يزالون مستمسكين بأرضهم رافضين لمخططات التهجير حتى وإن كان البديل العيش جوعًا أو الموت قصفًا، بينما مع أول موجات الحرب التي لم تتعدّ بضعة أيام بين إيران وكيان الاحتلال، شهدت الأراضي المحتلة عمليات فرار المئات من المستوطنين، بينما تفرض الحكومة الإسرائيلية إجراءات لمنعهم من السفر، حتى لا تفرغ الأرض من سكانها (الطارئين المحتلين).
ففي الوقت الذي تنقل وسائل إعلام إسرائيلية أن مئات الإسرائيليين يفرّون من المرافئ البحرية في هرتسليا وحيفا وعسقلان على متن يخوت خاصة باتجاه قبرص، تعود إلى الأذهان صورة قديمة لمستوطنين جاؤوا عبر البحر إلى فلسطين عام 1948.
ومع تصاعد القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل، أصدرت وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف قرارًا يقضي بمنع المواطنين الإسرائيليين من مغادرة البلاد، مع استثناء الأجانب والسياح، مما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الإسرائيلية.
الإحتلال الصهيوني يمنع المستوطنين من السفر
هناك تقديرات برغبة 3 مليون صهيوني بالمغادرة حالا من أصل 9 مليون
وزيرة المواصلات الصهيونيه تحدثت عن منع سفر المستوطنين تماما إلى الخارج وتسمح فقط للسياح بالعودة إلى بلادهم pic.twitter.com/5wUvwOsUG9
— جهاد غاضب (@jihadanjry) June 16, 2025
“هربوا من الصواريخ”
وحسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس، تحوّلت المرافئ الإسرائيلية إلى نقاط مغادرة لرحلات بحرية خاصة تقل أفرادًا وعائلات إلى قبرص، في ظل تصاعد القلق من تدهور الأوضاع الأمنية. ورغم امتناع معظم المسافرين عن التصريح علنًا، أقرّ بعضهم بأنهم “هربوا من الصواريخ”.
وأشار التقرير إلى أن مارينا هرتسليا تحوّلت خلال الأيام الأخيرة إلى ما يشبه “محطة انطلاق بديلة”، مع توافد أزواج وعائلات منذ ساعات الصباح وهم يجرّون حقائبهم بحثًا عن يخت يقلّهم إلى قبرص، ومنها إلى وجهات أكثر أمانًا خارج إسرائيل.
وتتراوح تكلفة الرحلة الواحدة بين 2500 إلى 6000 شيكل، حسب نوع اليخت وسرعته ومستوى الراحة، وسط تقارير عن يخوت تنقل ركابًا دون تأمين.
#هآرتس: فرار جماعي للمستوطنين عبر اليخوت من “إسرائيل” إلى قبرص هربًا من الصواريخ pic.twitter.com/B8qPza6Es4
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 17, 2025
“كما جاؤوا.. سيرحلون”
وقد لاقى التقرير انتشارًا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي الفلسطينية والعربية؛ حيث تداول ناشطون صورة أرشيفية تعود لعام 1948، توثق لحظة وصول مستوطنين يهود إلى فلسطين عبر البحر، وأرفقوها بتعليق ساخر: “كما جاؤوا.. سيرحلون”.
وأشار مغردون إلى أنهم لم يستغربوا من هذا التصرف ومحاولة الهروب، مؤكدين أن الإسرائيليين سيرحلون بالطريقة نفسها التي جاؤوا بها إلى فلسطين عام 1948، حين عبر المستوطنون البحر ليستقروا على أرض ليست لهم.
وأضافوا أن هذه الأرض ليست أرضهم، لذا نراهم يهربون مسرعين، لأنهم يدركون في قرارة أنفسهم أنها ليست لهم، بخلاف الفلسطينيين الذين، رغم القتل والحصار، ثابتون في أرضهم، لأنها أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، فهم أصحاب الحق، وسيأخذ كل ذي حق حقه في النهاية.
وأوضح مغردون آخرون أن هذا هو الفارق الحقيقي بين أهل غزة وفلسطين عامة، لأنهم أصحاب الأرض، وبين الإسرائيليين. فالغزيون، رغم الدمار والموت، مرابطون في أرضهم، بينما يفرّ المحتلون منها عند أول تهديد.
هروب جماعي لإسرائليين صهاينة من الكيان اللقيط (إسرائيل)، لجوء مجموعة من الجٌبناء من الكيان الصهيوني نحو باريس ..
يا لوقاحتهم، أصبح كل العالم يحتقرهم و ينبذهم..
أجبن و أذلّ خلق الله على وجه الأرض..#الإرهاب_الإسرائيلي #امة_واحدة #معركة_الأمة #إيران.. pic.twitter.com/l4uTLJL4fX— عيسى (@2Issazou) June 16, 2025
لصوص يتجهزون للفرار
ورأى مغردون أن قرار الوزيرة ميري ريغيف منع الإسرائيليين من مغادرة البلاد يدل على بداية “الهروب الكبير”، مشيرين إلى أن ريغيف لم تصدر هذا القرار إلا لأنها تدرك أن جمهورها من “اللصوص”، واللص دائمًا تكون قدماه جاهزتين للفرار.
واعتبر عدد من المدونين أن ما يجري هو “هجرة عكسية”، تمثّل بداية نهاية المشروع الصهيوني، الذي بدأ عام 1948 على أنقاض الحقوق الفلسطينية، وبدعم من قوى دولية.
وكتب أحد النشطاء: “مثلما جاؤوا على متن البواخر، سيعودون. عودوا من حيث أتيتم يا سارقي الأرض! ارجعوا إلى البلاد التي جئتم منها”.
وقال آخر: “إنها البداية فقط… ارحلوا، فهذه ليست أرضكم. الأرض تعرف أهلها، والزمن لا يرحم الغزاة”.
ورأى مدونون أن هذا المشهد يعكس ذعر المستوطنين وتصدّع ثقتهم بأمن دولتهم، ويشبه النهاية الحتمية لحكاية طالت أكثر مما ينبغي.
كما شبّه بعضهم قرار ريغيف بمنع مغادرة الإسرائيليين بـ”القفص الذهبي”، الذي يُغلق أبوابه على المستوطنين خشية انهيار جماعي وهروب واسع.
خوفاً من هروب المستوطنين المحتلين اصدر الكيان المحتل اوامر بعدم السماح لهم بالسفر ولو كان اجلاء 😂خايفين يهربوا ويفضى بلد مش بلدهم واغلبهم معهم جنسيات اخرى نعم اخرى 😂 pic.twitter.com/1mSnDSWvvx
— Roula (@RrRoula0426123) June 15, 2025
الموت دون الفرار
وفي المقابل، تستمر أعداد الشهداء بالارتفاع، من شمال غزة إلى جنوبها منذ أكثر من 20 شهرًا، بسبب تمسك سكان القطاع بالبقاء في أرضهم، ورفضهم لمخطط التهجير الذي يسعى إليه كيان الاحتلال بدعم من الإدارة الأمريكية، ما يركد المفارقة بين أصحاب الأرض الذين يُفضّلون الموت على التهجير، وبين الدخلاء الطارئين الذين يدركون أنهم لصوص الأرض التي يستوطنونها، ولا يعرفون معنى الوطن لكونهم في الأساس بلا وطن.
كما استدعت مشاهد هروب المستوطنين مشاهد عودة سكان غزة من الجنوب إلى الشمال خلال فترة الهدنة بين المقاومة وكيان الاحتلال في يناير/كانون أول الماضي، وذلك بعد نزوح قسري بسبب ويلات الحرب وعمليات الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول عام 2023.
أشار أكاديميون وخبراء في الشأن الصهيوني، خلال حديثهم لـ”قدس برس”، إلى أن لا بد من المقارنة بين رغبة المستوطنين بالهجرة وبما يحدث في #غزة: لا مطارات، لا جوازات سفر أجنبية، لا قنصليات تنسّق عمليات خروج. فقط الحصار والموت تحت القصف. ورغم ذلك، لم يغادر الغزّيون أرضهم.
⬅لمتابعة… pic.twitter.com/dVHluOVgi4
— وكالة قدس برس (@qudspressagency) June 16, 2025