السعودية: إنجازات غير عادية

في ثاني أيَّام التَّشريق، استقبل وليُّ العهدِ الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في حفلٍ بهيجٍ بقصر «منى» العامر، رؤساءَ وفود بعثات حجَّاج بيت الله الحرام، وعددًا من الوزراء، والمسؤولين، والمواطنين، نيابةً عن خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-.. وقد تشرَّفتُ بالسَّلام على سموِّه مهنئًا بعيد الأضحى المبارك، وبالإنجازات الرَّائعة، والمستوى المتميِّز الذي قدَّمته بلادنا لخدمة ضيوف الرَّحمن لأداء مناسكهم في يُسرٍ وسهولةٍ.
أجمع الحاضرون على نجاح موسم الحجِّ، ووصفوه بالنموذجيِّ، حيث لم يصل هذا النَّجاح -منذ 40 عامًا- إلى ذلك المستوى المتميِّز، من دقَّة المواعيد، واستخدام الذكاء الاصطناعيِّ، وتكامل الأجهزة المعنيَّة كوحدةٍ واحدةٍ يكملُ كلٌّ منها الآخر؛ ممَّا أدَّى إلى وجود رُؤى مُلهِمة ظهرت نتائجها جليَّةً على الأرض، وأصبحت واقعًا نعيشه.
وكان ضمن الحضور، معالي وزير الأوقاف السوري، السيد/ محمد أبوالخير شكري، الذي أشاد بما رآه في حجِّ هذا العام، حيث قال: (أؤدِّي فريضة الحجِّ منذ أربعين عامًا، واللهِ ما رأيتُ تنظيمًا للحجِّ كما رأيتُ مثل هذه السنة، رأيتُ تنظيمًا عظيمًا، يعود إلى توجيهات سموِّكم، ومتابعتكم ودعمكم، جزاكم الله عنَّا كلَّ خير. قلبي يُحدِّثني، وأملي بالله كبير، في أنْ يكون توحيد كلمة المسلمين على أيديكم -إن شاء الله-، فلكم دورٌ كبيرٌ في كلِّ بقعةٍ من بقاع العالم، في فلسطين، في لبنان، برفع الظلم عن المظلومِينَ، ومدِّ اليد إلى المقهورِينَ، كان آخر ذلك في سوريا الحبيبة، ودوركم الكبير في مساعدة إخوانكم في سوريا، ورفع العقوبات عنهم ومساهماتكم البنَّاءة في ذلك).. انتهى.
وقد أشرفَ سموُّ رئيس مجلس الوزراء بنفسه على كلِّ ما يخصُّ أمورَ الحجِّ، كان نتاجه سرعةً وسهولةً في تنفيذ الخطط، وتقليل الجهد والوقت اللازمَينِ لمراقبة الحشود، وتنظيم حركتها، حيث أدَّى أكثرُ من 1,833,164 حاجًّا مناسكهم في يُسرٍ وأمانٍ، وسط بيئةٍ آمنةٍ وصحيَّةٍ، وتم التنقُّل بانسيابيَّة مروريَّة، وخدماتٍ متكاملةٍ.
وأكَّد سموُّ وليِّ العهدِ -خلال الحفل- على استمراريَّة تطوير الخدمات التقنيَّة في الحجِّ والعُمرة، سواء عبر الرقمنة، أو البوابات الذكيَّة، أو القطارات السَّريعة، مرورًا بتأهيل العاملِينَ في الخدمة عبر «منصَّة وفادة».. وقد عمَّق الأميرُ محمد بن سلمان مفهومَ «التكامل المؤسسيِّ» بين القطاعات الأمنيَّة والطبيَّة والخدميَّة؛ لضمان سلامة الحجَّاج، وتصميم خطط أمنيَّة ووقائيَّة وصحيَّة نُفِّذَت بكلِّ دقَّة.
وأخيرًا وليس آخرًا، كان للمملكة العربيَّة السعوديَّة خارطةُ طريقٍ تُعبِّر عن رُؤية القيادة الرَّشيدة للحجِّ، حيث تمَّ إطلاق برنامجٍ وطنيٍّ في عام 2019 تحت مُسمَّى: «برنامج خدمة ضيوف الرَّحمن»، كأحد برامج رُؤية 2030م، من قِبَل الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وكان الهدف منه رفع الطاقة الاستيعابيَّة للمعتمرِينَ والحجَّاج، وإتاحة الفرصة لأكبر عددٍ ممكنٍ من المسلمِينَ لأداء النُّسك والزِّيارة على أكمل وجهٍ، والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم، من خلال رفع مستوى جودة الخدمات، وتهيئة الحرمين الشَّريفين، وتطوير المواقع التاريخيَّة الإسلاميَّة والثقافيَّة.. كما تمَّ تدشين التأشيرة الإلكترونيَّة السَّريعة، إضافةً إلى تحسين البنية التحتيَّة، والخدمات الطبيَّة، وتأهيل 40 موقعًا تاريخيًّا.
هذا، وقد رسم وليُّ العهدِ مسارًا واضحًا وجليًّا لتطوير منظومةِ الحجِّ والعُمرةِ منذ تولِّي سموِّه لمهامه «وليًّا للعهد»، سواء بخطط تقنيَّة، أو إنشائيَّة، أو تنظيميَّة، حيث وُضِعَت أهدافٌ طموحةٌ ظهرت نتائجها على الأرض، من تسهيلاتٍ في التأشيراتِ، وطرق ذكيَّة بمنافذ الدخول، وقطارات سريعة، ومخطَّطات أمنيَّة تعتمد على الذكاء الاصطناعيِّ، وتوسُّعات عمرانيَّة كُبْرى للمسجد الحرام. فقد أطلقت المملكة مشروعات التَّوسعة لتشمل خمس مراحل متكاملة، لتوسعة المسعَى، والروضة الشَّريفة؛ ما يعكس توجُّهًا نحو استيعاب أعدادٍ متزايدةٍ من الحجَّاج والمعتمرِينَ.
يأتي ذلك كله، امتدادًا لمسيرة المملكة في خدمة الحرمين الشَّريفين، ترجمةً لتوجيهاتِ قائد هذه الأمَّة المباركة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقيادة سموِّ وليِّ عهده، وتمكينًا لضيوف الرَّحمن من أداء مناسكهم براحةٍ وأمانٍ؛ ممَّا يُرسِّخ ريادة المملكة في هذا المجال لمستقبل أكثر إشراقًا.