إنجاز سعودي متجدد… في رعاية ضيوف الرحمن

بوتيرة متسارعة؛ تواصل السلطات السعودية المختصة استعداداتها لموسم الحج الذي سيكتمل خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن اكتمل وصول أفواج الحجاج من داخل وخارج المملكة. ووضعت السعودية كافة مقدراتها الهائلة وإمكاناتها الكبيرة لخدمة ضيوف الرحمن، الذين وصلوا إلى مكة المكرمة، تعلوهم السكينة وتحيط بهم العناية من كل حدب وصوب.
بداية، فقد تم استقبال الحجاج القادمين من الخارج في كافة المنافذ الجوية والبرية والبحرية بالورود والحلوى والقهوة السعودية، وقبل ذلك بالابتسامات النابعة من القلوب. وكالعادة فقد تم منحهم الأولوية وتسهيل إجراءات خروجهم ووصولهم إلى مقار إقامتهم، امتدادا للدعم الذي تقدمه الدولة وجميع الأجهزة ذات الصلة، ومسارعتهم إلى تلبية طلباتهم والترحيب بهم.
على صعيد المشاعر المقدسة، فقد تمت تهيئتها وتجهيزها لاستقبال ضيوفها الأعزاء الذين توافدوا من كل بقاع الأرض، طالبين مغفرة الله ورضوانه، بعد أن تركوا بيوتهم وعائلاتهم، فاستقبلتهم السلطات السعودية بمنتهى الحفاوة، وتسابق الجميع للترحيب بهم، وفتحوا لهم القلوب قبل الأبواب، في مشهد يتكرر سنوياً، ويؤكد عظمة إنسان هذه البلاد؛ الذي يرحب بضيوفه ويبادر لإكرامهم.
ومما يبعث على الفخر والاعتزاز، أن الترحيب بضيوف الرحمن وتقديم كل ما يحتاجونه من عون ومساعدة وتأمين سلامتهم وضمان صحتهم؛ ليس مسؤولية الجهات الرسمية فقط، بل تشاركهم في ذلك كافة فئات الشعب، الذي تمتلئ داخل أبنائه فخراً وعزاً بهذه المهمة العظيمة التي اختصهم بها الله سبحانه وتعالى دون غيرهم من شعوب الأرض، فرفعوا شعار (خدمة الحاج شرف لنا) وطبقوه على أرض الواقع.
ورغم ارتفاع درجة الحرارة هذا العام، واكتظاظ المدينة المقدسة بالأعداد الكبيرة من الحجاج، إلا أن المشاهد التي تبثها أجهزة الإعلام المختلفة على مدار الساعة تبث الطمأنينة في النفوس، وتبعث على السكينة، فالاستعدادات قد بلغت ذروتها لمواجهة كافة السيناريوهات، ورجال الأمن ينتشرون على جميع الطرق، ليس لحفظ الأمن والنظام فقط، بل إن دورهم يتجاوز ذلك بكثير.
هؤلاء الأبطال نذروا أنفسهم لخدمة الحجيج، يساعدون هذا ويأخذون بيد تلك، يقدمون الماء لمَن يحتاجه، ويُوزِّعون الطعام للراغبين، تسبقهم ابتساماتهم وكلماتهم الطيبة، لا تثنيهم درجة الحرارة المرتفعة، ولا تكسر عزيمتهم أشعة الشمس الحارة، يواصلون العمل طوال ساعات النهار وخلال الليل؛ بإرادةٍ لا تلين، ورغبةً لا تفتر.
وقد دأبت وزارة الداخلية على تقديم فصول متواصلة من البذل والعطاء، ومساعدة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار، مستعينة بعد الله سبحانه وتعالى بعناصرها المتميزة، التي تلقت أعلى التدريبات، والنتيجة المتكررة التي تحققها هي النجاح التام في تفويج ملايين الحجاج؛ الذين يتحركون في أوقاتٍ محددة داخل بقعة جغرافية صغيرة، وهو ما يمثل إعجازاً حقيقياً في إدارة الحشود.
أما الرعاية الصحية التي يتم توفيرها في جميع مشاعر الحج، فهي توضح أيضاً مقدار الحرص الذي تبديه القيادة السعودية لضمان سلامة الحجاج، حيث تستنفر الدولة كافة مقدراتها، وتسخر الإمكانات الطبية الضخمة لخدمة ضيوف الرحمن، وفي كل يوم تتم إضافة مرفق جديد للعناية بضيوف الرحمن، وخلال هذا العام تم إنشاء مستشفى جديد للطوارئ في مشعر منى. ومما يبعث على الإعجاب أن إنشاء المبنى وتشغيله لم تستغرق أكثر من 30 يوماً فقط، مما يؤكد قدرة السعوديين على صنع المستحيل.
أما الدافع الأكبر للشعور بالطمأنينة، والدليل الأبرز على الاهتمام الذي توليه الدولة لضيوفها الكرام، فهو وجود قائد هذه البلاد المباركة وكبيرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وساعده الأيمن وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله- في مكة المكرمة، حيث يتابعان بصورةٍ شخصية كافة التفاصيل المتعلقة بالحجاج، ويشرفان على تقديم أقصى درجات العناية والرعاية لهم.
هذا الاهتمام الكبير من أعلى درجات القيادة؛ يبث الحماس في نفوس جميع العاملين في الحج، ويدفعهم لمضاعفة الجهود، ويشكل حافزاً لهم على المزيد من الإجادة، فهم يشاهدون بأنفسهم قادتهم وهم يمنحون الأولوية المطلقة لمساعدة ضيوف الرحمن، ويقدمون مصلحتهم على ما سواها، ويسخرون جميع المقدرات والإمكانات لراحتهم.
ولأن النجاح هو النتيجة الحتمية المؤكدة لكل اجتهاد، فسوف يمضي موسم الحج بنجاحٍ تام بإذن الله، ليكتب فصولاً جديدة في مسيرة التفوق والتميز التي اعتادت المملكة أن تسطرها كل عام وهي تفعل المستحيل لمساعدة ضيوف الرحمن على إكمال مناسكهم بسهولةٍ ويسر وطمأنينة. فهنيئاً لنا بهذه القيادة الحكيمة، التي سخَّرها الله لإعمار حرميه الشريفين. وكل عام ومملكة الرحمن بكل خير.