أنماط القيادة وتأثيرها على الأداء

نصادف في حياتنا نمطين من المديرين أو القياديين في مختلف المؤسسات وبصورة واضحة. النمط الأول وهو الملتزم، ونقصد به الملتزم بالأنظمة والقوانين، ولا يحيد عنها، ويُطبِّقها بحذافيرها، ولا يهتم بالنتيجة، بهدف أن لا يخطئ ولا يتجاوز، وبالتالي لا يُحاسَب مستقبلاً، فهو مرآة لما يصدر من أنظمة وتعليمات، وكأنها من الخالق جل وعلا. وبالتالي لا يأخذ القرار منه وقتاً في اتخاذه، ولا تهمه النتيجة أو التأثير علي الوضع العام وعلى اقتصاد المؤسسة. فهو جزء من الآلة العامة، وينجز ويتم كل شيء حسب ما هو مُحدّد له. فالنظام الموضوع واللوائح تُطبَّق بدقة وبحرفية. كما يضمن استمراريته في موقعه، حيث لا يوجد سبب لعدم استمراره، فالنظام يتم تطبيقه حسب منطوقه.
وهناك النمط الثاني: المدير الديناميكي، وهو الذي يهدف إلى إيجاد الحلول من خلال تفسير النظام، ويهتم في النهاية إلى تحريك المجتمع والاقتصاد، والعبرة عنده بالنتائج وأثرها على المجتمع. فتجده كقيادة مُحرِّك للنظام، ومُفعِّل لمنسوبيه، متفاعل مع العملاء والمجتمع بصورةٍ إيجابية. فالهدف والعبرة بالنتائج وفي كيفية تفسيره للنظام، وتحقيق أهداف المجتمع والاقتصاد في النهاية. فهو موجود لأجل تحقيق أهداف وتحريك المجتمع بصورةٍ إيجابية، وليس للتمسك بمنطوق يحتمل أوجه أخرى.
لاشك أن كلا النموذجين موجودين في مجتمعنا، الأول جامد وغير متحرك، ولكن نسبة استمراريته مرتفعة في ظل من يرى أنه يطبق النظام بحرفية وبدون انحراف. في حين نجد أن النموذج الثاني قد يصادف بعض المشاكل، بسبب تفسيره للنظام ومرونته؛ لتحقيق نتائج إيجابية، ودفع المجتمع نحو الإنتاجية. حيث يسهل تصيد الأخطاء والانحرافات.
بغض النظر عن النتائج المفترض أن النموذج الثاني لا ينظر له بسلبيةٍ، خاصة وأن المنفعة الذاتية منعدمة، وأن قيادة المؤسسة تعطي له مساحة للتحرك؛ في ظل عدم تحرك النموذج الأول، خاصة وأنه من السهل الرفض وقفل الباب. ولكن حجم الإعاقة والتأثير السلبي لا يُرَى على المدى القصير، بل نراه على المدى الطويل، الأمر الذي يؤدي مع كثرة الضغوط إلى مراجعة الأنظمة، والحد من الانحرافات فيها.
التمسك الأعمى في ظل قاعدة: أنت بشر، ونضع الأنظمة لنتّبعها، عادةً ما تكون تكلفتها فادحة ومؤثرة مستقبلاً، وعادةً ما تستلزم حلول عاجلة بسبب نمط الإدارة.