الشؤون الدينية في الحرمين: جهود متميزة لخدمة زوار بيت الله الحرام

رئاسة الشؤون الدينيَّة بالمسجد الحرام والمسجد النبويِّ، جهاز حكومي يرتبط مباشرة بخادم الحرمين الشَّريفين، بقيادة معالي رئيس الشؤون الدينيَّة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، تتمثَّل رُؤية الجهاز في إثراء تجربة القاصدين، ونشر الهداية للعالمين ورسالته: تمكين القاصدين من أداء العبادة على بصيرة في بيئة ثرية، ونشر الهداية والعلم الشرعي؛ وفق منهج الوسطيَّة والتميُّز في خدمات الترجمة، وكل ما يعزِّز الريادة العالميَّة للحرمين الشَّريفين، ومكانة المملكة العربيَّة السعوديَّة الدينيَّة من خلال منظومة متميِّزة من الكفاءات المؤهَّلة، والتقنيات المتقدِّمة، والشراكات الفاعلة، ومن خلال هذه الرُّؤية والرِّسالة يقدِّم هذا الجهاز خدمات متنوِّعة لضيوف الرَّحمن الذين يتوافدون من كل أنحاء العالم، وبالملايين، وعلى مدار العام؛ وبكل اللغات الحيَّة يسعى هذا الجهاز لإثراء تجربة الحجَّاج، وقاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وفي موسم الحجِّ -تحديدًا- هناك حالة استنفار لكل الطاقات البشريَّة والقدرات، وتوفير كل ما تمتلكه الدولة بقيادتها الحكيمة التي نذرت على نفسها خدمة ضيوف الرَّحمن؛ لتكون السعودية أنموذجًا فريدًا في رعاية وضيافة وإثراء الحجَّاج؛ لتكون هذه الرحلة الإيمانيَّة خالدةً في ذاكرتهم، وليعودوا إلى بلادهم سالمين غانمين، يحملون مشاعر الامتنان لما وجدوه من يُسر وطمأنينة.
وقبل أيام أعلن معالي رئيس الشؤون الدينيَّة عن تدشين الحزمة الإثرائيَّة لترجمة خطبة عرفة لموسم حجِّ 1446هـ، وتلك تجربة مميَّزة تثبت أنَّ هناك عقولًا تفكِّر في كل جديد من خدمات، وتعمل على تحسين القائم منها بصفة مستمرَّة، وتقدِّم الرئاسة لضيوف الرَّحمن دروسًا علميَّة، ومحاضرات توعويَّة ضمن خطة تشغيليَّة تضع أهدافها ومستهدفاتها بدقة متناهية، وتعمل كل الكوادر من الرجال والنساء على تحقيق أعلى مؤشرات للأداء، ويتجاوز المتحقق المستهدَفات المرصودة بلغة مؤشرات الأداء الرقميَّة. مبادرات نوعيَّة خطط لها بعناية فائقة، حتَّى في مسمَّياتها التي تجعلك تتأمل من العنوان، وتبحر بعقلك نحو المضمون على سبيل المثال (عليكم بالسَّكينة) التي ترشد الحجَّاج لمظاهر السكينة في الحجِّ عند رمي الجمرات، وما أروع أنْ تربط المسلم بمعاني الذكر الحكيم، وما ورد عن النبيِّ الأمين -عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التسليمِ- وبمنهجه وسنَّته؛ ومبادرة أُخْرى استوقفتني بعنوان (توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا)؛ ومبادرة (كُنْ مسلمًا واعيًا)؛ لتعزيز الفهم العميق للقيم الإسلاميَّة، ومبادرة (مقاصد الحجِّ) لتوعية ضيوف الرَّحمن بالأحكام الشرعيَّة المتعلِّقة بمناسك الحجِّ ونشر المفاهيم الصحيحة.
بالأمس القريب، زرتُ المسجد النبوي في المصلَّيات النسائيَّة بعد صلاة الجمعة، وفي حالة من السَّكينة والطمأنينة والخشوع، وفي أوقات مباركة من هذه العشر، ترى بعينيك حلقات تحفيظ القرآن، والدروس العلميَّة تُنفَّذ من قِبل مختصَّات بالعلم الشرعيِّ، ويمتلكن الإجازات العلميَّة، يعلِّمنَ زائرات وقاصدات المسجد النيوي في أجواء روحانيَّة، تجعل الروح محلِّقة في السماء، والنفوس مهيَّأةً للإقبال على الله، ونيل رضوانه؛ وتتوقَّف حينها خلف كل هذا التنظيم، وهذا الجهد جنود مخلصون، ونساء مخلصات لهذا الدِّين العظيم، يعون جيدًا عظم الأمانة التي أُنيطت في أعناقهم للعمل في رحاب الحرمين الشَّريفين، في ظل توجيهات دقيقة من معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، ومتابعة مستمرَّة من فضيلة مساعد رئيس الشؤون الدينيَّة بالمسجد النبوي الدكتور محمد الخضيري.
وتبقى بصمة المرأة السعودية، التي مكنتها قيادتها، والمؤمنة بدورها، في نشر قيم الإسلام الحنيف، والمؤهلة علمياً، والمتسلحة بإيمانها العميق بدور المرأة المسلمة حاضراً في الحرمين الشريفين؛ لتؤدي دورها المناط بها بكل اقتدار، وبعزيمة قوية لتنال الشرف العظيم في تعليم القرآن، ومنهج الاعتدال، والوسطية، وتحقيق الأمن الفكري والمعرفي لقاصدات الحرمين الشريفين.
مبادرات متنوِّعة في الأقسام النسائيَّة، تحاكي ما يُقدَّم عند الرجال؛ لتكتمل منظومة العمل المؤسَّسي بحرفيَّة عالية، فلكلٍّ دوره الذي يقدِّمه ويحقِّق فيه الغاية والهدف، من أجل صيانة فكر ووعي عالٍ عند قاصدي الحرمين، وكل هذا يقدَّم بالتي هي أحسن؛ لغرس قيم أخلاقيَّة وتعزيزها في نفوس المسلمين. بارك الله في الجهود، ونفع بها، وتقبَّل الله من الحجَّاج مناسكهم بيُسرٍ وطمأنينةٍ.