تحية لكِ، يا شعفاط!

لفت نظري، عندما تجمَّع الصهاينة يوم الاثنين الماضي، في ساحات المسجد الأقصى، تحت ذريعة (يوم القدس العاصمة الأبديَّة لإسرائيل)، أنَّهم طالبوا بموت العرب، وحرْق شعْفَاط، فما هي هذه الشعْفَاط؟ ولماذا طالبوا بحرقها؟ وصبُّوا عليها جامَّ حقدهم وغضبهم وتهديدهم؟.
وببحثٍ سريعٍ في الإنترنت، اتَّضح لي أنَّها قرية فلسطينيَّة تقع في ضواحي مدينة القدس (العاصمة الأبديَّة بحول الله لفلسطين)، واسمها عربي، وليس عبريًّا كما قد يُظنُّ، وهو مُشتقٌّ من فعل (شعف)، ويعني الارتفاع، أو النظر من علوٍّ، وهو وصف لتضاريس المنطقة التي تقع فيها بجوار القدس، وقد حرَّف الصهاينة اسمها ليبدو عبريًّا، لكنَّ أهلها ينطقونه عربيًّا كما هو معروف عنها منذ مئات السنين.
ويطالب الصهاينة بحرقها، وصبُّوا عليها جامَّ حقدهم وغضبهم وتهديدهم؛ لأنَّها الرَّائدة من القُرى الفلسطينيَّة التي فرَّخت المقاومين ضدَّ تهويد مدينة القدس، وجعلت شبابها وشيوخها مرابطين في المسجد الأقصى دفاعًا عنه، ليس بالسلاح الأبيض، ولا الأسود، ولا الدبَّابات، ولا الصواريخ، ولا الطيَّارات، بل بصدورهم العارية، وأيديهم الباسلة، وقلوبهم الجسورة، وحجارتهم الصَّغيرة، حُبًّا في المسجد الأقصى، وجهادًا في سبيل الذود عنه ضدَّ أقذر المُخطّطات وأنجسها، ألَا وهي هدمه، وبناء المعبد اليهودي التلمودي.
من أزقَّة شعْفَاط لا تسمع إلَّا تكبيرات تُرعب الصهاينة، وعزيمة شبابها تفلُّ الحديد، وصلاتهم يؤودُّونها في وجه البنادق والرشَّاشات، وهي صامدة مثل روابي القدس، ورغم أنَّها صارت مثل المُخيَّم لكنَّها تُقاوم التهويد مثلما تُقاوم الجبال السيل العرمرم، وأصبحت جزءًا من التراث الفلسطينيِّ، ويقول عنها بعض المُثقَّفين المقدسيين:
سلامٌ عليكِ يا شعْفَاط
يا خندق الرباط
وضمير القدس
سلامٌ على حجارتكِ الصَّابرة
وأبنائكِ الصامدين
وسلامٌ على مَن قالوا.. لن نرحل، ولو أحرق الصهاينة الأرض وما فيها..
أحلام البقاء في القدس هي ترانيم الصباح والمساء:
لا هجرة ولا وتهجير، ولو كره الصهاينة.
أمّا أنا فأقول: حقًّا.. سلامٌ عليكِ يا شعْفَاط.