خدمة زوار الرحمن

الحج، هذا المؤتمر العالمي، الذي يلتقي فيه الإنسان بعالم الحقيقة، ليشعر بخروجه من دنياه إلى ربِّه -عزَّ وجلَّ-، حيث يجتمع حجَّاج بيت الله في هذه البقعة الطاهرة، يأتون فوجًا بعد فوج من كل بقاع الدنيا، على جسدٍ واحدٍ، وبلباسٍ واحدٍ، وبلسانٍ واحدٍ يُردِّدون: «لبيك اللهم لبيك»، يُلبُّون دعوة ربهم، ويمتثلون لأمره -جلَّ وعلا-: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، قلوبهم مُعلَّقة بالطاعة، ينتظرون رحمته تعالى، يرفعون أيديهم، ويسألون الله المغفرة والثواب، هذه الحكمة الإلهيَّة تحمل كثيرًا من المشاعر والأحاسيس، والتي من أهمِّها شعور الحجيج بأنَّهم في موقف عظيم، وموقف مشهود لتعظيم هذه الشعيرة في البقعة الطاهرة، في مهبط الوحي، ومنبع الرسالات السماويَّة، هنا في مكَّة المكرَّمة يقفون بين يدي الله، يطوفون في بيته العتيق، وأيديهم تلمس الملتزم، وأبصارهم نحو المكان الذي وقف فيه المصطفى -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- عند باب الكعبة، عند فتح مكَّة.. ففي كل عام تسعى المملكة العربيَّة السعوديَّة لتوفير كل الإمكانيَّات لضيوف الرَّحمن، حتَّى يستطيعوا أداء فريضة الحجِّ بكل يسرٍ وسهولة، وهذه الخدمات يراها العالم ليشهد على ما تبذله المملكة في خدمة حجَّاج بيت الله الحرام، وهذا يجسِّد الاهتمام والرعاية التي يحظون بها ضيوف الرَّحمن، هنا في مكَّة المكرَّمة يتجدَّد نداء المولى -عزَّ وجلَّ- لحجِّ بيته الحرام كل عام، وهو الركن الخامس من أركان هذا الدِّين العظيم، ليلتقي الإنسان بعالمه الحقيقي الذي يعيش فيه، خاليًا من كل مظاهر الدنيا الفانية، ويعيش بشعوره الروحانيِّ الخالص لله في مشاعر فريضة الحجِّ، وفي تلك البقعة الشريفة التي يفدون إليها من كل بقاع الأرض، يمتثلون لأمر الله -عزَّ وجلَّ-. في ذلك المنظر الذي تهفو إليه القلوب للوقوف بجبل عرفات، جبل الرحمة، فهذه الحكمة الربانيَّة تحمل الكثير من المشاعر والأحاسيس التي يعود فيها الحاجُّ إلى لحظة الميلاد، كيوم ولدته أُمُّه. وهذا الموقف الذي يمكن وصفه بالموقف التاريخي، الوقوف بجبل عرفات الله، وعين الحاج على ذلك المكان الذي وقف فيه نبي الرَّحمة، صلوات الله وسلامه عليه.
* رسالة:
والفَجَرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ.. اللهمَّ اجعل لنا فيها أفضل الأعمال، وأحسن الطاعات، واجعل لنا نصيبًا من الرَّحمة والمغفرة، واستجابة الدعاء.. اللهم آمين يا رب العالمين.