القبــــــة (can be rephrased as “القبة” or “السقف المقوّس”)

القبــــــة (can be rephrased as “القبة” or “السقف المقوّس”)

هذا المقال عن عسكرة الفضاء باستخدام القباب.. ولكن في البداية لابد من ذكر روائع تلك الأشكال التي تحتوي على العديد من الأبعاد الجمالية غير المتوقعة، وهي تعكس بعضاً من أهم نِعم الله عز وجل.. فضلا تأمَّل في إحدى أهم القباب في حياتنا، وهي الجمجمة التي تحمي أهم أعضائنا.. لاحظ أن خصائصها تمنحها القوة الهائلة لحماية أدمغتنا، ولكنها توفر أيضا خفة الوزن بدون اللجوء للدعامات الداخلية، ولا الجدران السميكة، وينتج عن ذلك، الحجم المعقول بلطف الله.. بدون هذه الخصائص كانت رؤوسنا ستصبح أكبر حجماً، وأثقل وزناً، وربما ستحتاج لدعامات داخلية للحصول على نفس مقدار قوة القبة، ولكَ أن تتخيل تلك التحديات، والرؤوس العملاقة المخيفة، وصعوبة الحركة، والوقوف، والجلوس.. وعذراً على هذه المقدمة الطويلة المتشعبة، ولكن القباب تستحق ذلك، وأكثر.. فضلا لاحظ روائع القباب على سفر الطعام.. جمال البيض، والكبة، والمعجنات، وبعض أنواع المحاشي، والعديد من أشكال الحلوى.. ومعظمها تستمد قوتها من خصائص القباب التي توزع أحمالها على أسطحها الجميلة الناعمة التي لا تتغير بطرقٍ مفاجئة، بل تنحدر بيسرٍ وانسيابية لتُذكِّرنا أنها بدأت من الشكل الدائري الكامل الجميل.

نعود إلى القباب وعسكرة الفضاء، فقد أعلن رئيس الولايات المتحدة في مطلع الشهر عن الاستثمارات في مشروع «القبة الذهبية»، وأبدى رئيس الوزراء الكندي «مارك كارني» عن رغبة بلاده في الانضمام لذلك البرنامج الطموح، بالرغم من العلاقات المتوترة بين البلدين.. وفي نفس الوقت أعلنت الحكومة الصينية، والروسية، وغيرها عن القلق الرسمي بسبب الخوض في ذلك البرنامج، لأنه سيُدخِل العالم في سباق تسلح هائل.

والموضوع أكثر تعقيداً مما يبدو، فالقبة ليست بمفهومنا التقليدي، وإنما هي أقرب للنسيج المتعدد المكونات.. يشمل شبكات استشعار متقدمة، وأنظمة دفاعية أرضية، وجوية، وفضائية. وللعلم توجد حالياً منظومة دفاع مضادة للصواريخ لحماية الشاطئ الغربي الأمريكي من مخاطر الهجوم الصاروخي. ولكن البرنامج الجديد سيُضيف طبقات متعددة جديدة للمكونات الموجودة حالياً. وللعلم، فإن الولايات المتحدة تتمتع بالتقنيات المتميزة في الصواريخ الدفاعية والهجومية منذ أكثر من سبعين سنة؛ عندما كان برنامج الفضاء الأمريكي يسير في المسارين المدني والحربي. جدير بالذكر أن «عسكرة» الفضاء كانت إحدى السمات الأساسية في تطور القطاع الفضائي الأمريكي. والمقصود هنا هو استخدام الفضاء للأنشطة العسكرية، سواء كانت للتصوير، أو التجسس، أو التحكم والسيطرة، أو الملاحة، أو الاتصالات العسكرية، وهذا النشاط واسع الانتشار تاريخيا وجغرافيا ووظيفيا. وأما مفهوم «التسليح» فهو يعكس وضع آليات أو تقنيات عسكرية في الفضاء الخارجي للأغراض الهجومية أو الدفاعية، وهذا النشاط أقل انتشاراً. وللعلم فبعض الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي مصممة للاستخدامات المسلحة، ومنها على سبيل المثال التشويش الإلكتروني أو الحراري، أو التصادم الميكانيكي، أو الضرب بالليزر. وهناك خلفيات تاريخية أهمها إستراتيجية «حرب النجوم»، التي بدأت قبل أربعين سنة وفشلت.. وسأتناولها إن شاء الله في مقالات قادمة.

* أمنيــــــة:

هناك ما هو أهم مما ذُكِر أعلاه وهو الاسم.. بدأ البرنامج الأمريكي باسم «القبة الحديدية» مع بداية الإدارة الأمريكية الجديدة.. ونظراً لتشابه الأسماء مع البرنامج الإسرائيلي، فقد تحول اسمه خلال هذا الشهر إلى «القبة الذهبية».. وبصراحة أتمنى أن يجدوا أسماء أخرى مثل «القبة البلاتينية» مثلاً، لأن هناك قبة ذهبية واحدة في حياتنا.. ومكانتها عالية جداً، ولا علاقة لها بالحرب والصواريخ، فهي من رموز السلام، والمحبة، والعبادة الصادقة.. أشير هنا إلى قبة الصخرة في القدس الشريف.. الله يعمرها ويحميها.