الحج والقدرة: رؤية أعمق لفهم المعنى

الحج والقدرة: رؤية أعمق لفهم المعنى

إزالة الأصنام من الأذهان أمر هام جدًّا، وعلينا أنْ نقتدي بسيد الأنام -عليه الصَّلاة والسَّلام- الذي حرص على إزالة ما في الأذهان، قبل أنْ يحطِّم الأصنام.

وما نراه اليوم من سلوكيَّات البعض وفهمهم الخاطئ عن أركان الإسلام، وتحديدًا الركن الخامس، حج بيت الله الحرام لمَن استطاع إليه سبيلًا، شيء مدعاة للأسف، ودور العلماء والمثقَّفين يستوجب تعميق مفهوم الاستطاعة، إلَّا أنَّ ما نلحظه أنَّ معظم الحجَّاج من الفقراء يبيعون ما لديهم لتحقيق الركن الخامس في الإسلام الذي أعفاهم من القيام به إلَّا للمستطيعين فقط.

وقبل سنوات قرأت في صحيفة الأخبار المصريَّة خبرًا مفاده أنَّ القوات المسلَّحة نظَّمت لحجِّ أُسر المتوفِّين أثناء تنفيذ المهام المختلفة لأداء الحجِّ، أو الذهاب للعُمرة على نفقة القوات المسلَّحة.

وما أودُّ أنْ ألفت النظر إليه، هو إن كان الأمر يتعلَّق بالأصحاء منهم، فلا بأس في ذلك، أمَّا المصابُون، وذوو العاهات، أو أصحاب الأمراض المزمنة، فلعلَّ من الأنسب تكريمهم بوسائل مختلفة وفق احتياجهم، لأنَّ هذه الفريضة تستلزم الاستطاعة بمفهومها الشامل، والنفقة الكافية إحدى وسائل الاستطاعة، وهناك الوعي الذهني الكامل، والقدرة البدنية، والتحصينات الصحيَّة. وهناك أمر التصريح بالحجِّ الذي يُعدُّ الوسيلة المهمَّة لأداء الفريضة، حتَّى لو توافرت وسائل الاستطاعة الأُخْرى؛ لأنَّه المنظِّم للترتيب البشريِّ وحماية الأرواح، والحفاظ على المشعر الحرام من العبث، وهي مسؤوليَّة كل فرد منا ومن اختصاص الجهات ذات العلاقة، ومن لا يحرص على احترام التعليمات فلا حجَّ له، «فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ».

وقبل عدة سنوات، أقامت وزارة الحجِّ والعُمرة ندوتها الكُبْرى عن الاستطاعة في الحجِّ، شارك فيها العديد من علماء المسلمين، حيث عمَّقوا فهم الاستطاعة، حتَّى لا يتحمَّل المسلم ما لا يطيقه، وقد جاء العفو عن الحجِّ من ربِّ العالمين.

يبقى على العلماء والمسلمين بذل المزيد من الجهد لإيضاح الوزر والإثم، الذي يقع على عنق الفرد الذي يخالف مفهوم الاستطاعة، ويخالف الأنظمة والتعليمات التي لم توجد أصلًا إلَّا لحماية الأفراد من التعرض للتهلكة، وهنيئًا لمن أكرمه الله بالعقل والحكمة، وسوف ينال الثواب من ربِّ العباد.

اللهم اجعله (حجًّا ونجا).. وهي عبارة يردِّدها الأهالي عندما يقترب موسم الحجِّ تفاؤلًا بما هو قادم.