الإعلام: رؤية إيجابية لنصف الكوب المملوء!

الإعلام: رؤية إيجابية لنصف الكوب المملوء!

بقدر ما نحترم الرَّأي، ونُقدِّر الاختلاف، من المؤسف أنْ يتم اختزال المشهد الإعلاميِّ في السعوديَّة بلغةٍ متشائمة، تُنكر التحوُّلات الواضحة والموثَّقة. ما نشره أحد أعلام الصحافة، لا يمكن اعتباره نقدًا بنَّاءً، بقدر ما هو حُكم بالإلغاء على مشهد إعلاميٍّ حيٍّ ومتحرِّك. فحين يكتب ويقول: «إنَّ إعلامنا السعوديَّ ميت كسيح، لا يُرجى إصلاحه، ويجب إلغاؤه بالكامل»، فهو يتجاهل حجم التَّغيير الذي لم يعد خفيًّا أو محدودًا.. فقد أصبح واقعًا يوميًّا يشهده من ينتمي لهذه الأرض، ويواكب ما يحدث فيها من تنظيمات وتشريعات، وتحوُّل رقمي، واحتضان للمحتوى الوطنيِّ بجميع أشكاله.

الإعلام السعودي اليوم يشهد إعادة بناء شاملة، تتجلَّى في محتوى أكثر احترافيَّة، وتفتح المجال أمام القطاع الخاص، وتمكين المواهب، وعودة كثير من الأصوات والمنصَّات التي كانت تُنتج في الخارج؛ لتعمل من الداخل وفق أطر تنظيميَّة واضحة، وضمن بيئة تؤمن بالاختلاف، وتحتضن التنوُّع. لم تعد الرسالة الإعلاميَّة حبيسة نشرات رتيبة، أو ردود أفعال، لقد أصبحت منصَّاتنا فاعلة، تُواكب الأحداث، تُحلِّل السياسات، وتُنتج محتوى يُشاهَد ويُتناقَل في كل مكان.

حديثه؛ تجاهل أنَّ الإعلام الحديث تجاوز الصورة التقليديَّة الواحدة، ليعمل وفق شبكة متعدِّدة من الوسائط والمنصَّات، تتفاعل وتبني سرديَّة وطنيَّة متكاملة. كيف يمكن لمنصَّات تُكرِّم الإعلاميِّين، وتُنظِّم منتديات نوعيَّة، وتفتح باب التدريب والتمكين، أنْ تُوصف بهذا الجزم بأنَّها بلا مهنيَّة أو انتماء؟ أين موقع التطوير التشريعي؟ وأين موقع التحوُّل الرقمي؟ وقصص النجاح التي أصبحت تُروى بمهنيَّةٍ واتِّزان؟.

باختصار.. لقد رأى هذا العلَمْ الصحفي الكأس من جانبه الفارغ.. ولم يره من الجانب المملوء، وهذا خطأ!.

مَن لا يرى كل هذا التقدُّم، لا يُعبِّر عن قصور في الإعلام بقدر ما يتمسَّك بصورةٍ ذهنيَّة قديمة لم تعد تنطبق على الواقع. الإعلام السعودي اليوم لا ينتظر مَن يصفه، هو يُشاهَد ويُؤثِّر، ويُعبِّر عن وطن يُبنَى كل يوم، ويريد أنْ يُروى للعالم بصوت أبنائه، الذين يواكبون كل ما من شأنه رفعة بلادهم، وفق رؤية 2030.