الخلايا الجذعية: الوضع الحالي وآفاق المستقبل

عندما أسست وحدة أبحاث الخلايا الجذعيَّة قبل حوالى ١٥ عامًا في مركز الملك فهد للبحوث الطبيَّة بجامعة الملك عبدالعزيز، لم نكن نبدأ إلَّا بالتجارب الأوليَّة عن الخلايا الجذعيَّة، فعندما امتدَّت التجارب وتنوَّعت، وجدنا أنَّ مستجدَّات ونتائج التجارب تقود للمزيد والجديد من الأفكار، وقد أكرمني الله بالإشراف على طلاب وطالبات الماجستير والدكتوراة الدوليِّين والسعوديِّين منهم مَن يعمل الآن في جامعات أمريكيَّة وصينيَّة وسعوديَّة.
وخلال الدراسات والبحث العلمي، تشكَّلت مجموعة من الباحثين والباحثات السعوديِّين الذين أصبحوا قيادات في هذا المجال، وأقول -حقًّا- إنَّ الله أكرمني بالإشراف عليهم؛ كي يفيدوني وأفيدهم، ونحن على ذات الطريق من التخصص، زاملنا متخصِّصون في مجال الخلايا الجذعيَّة من جهات ومعامل أُخْرى في المملكة، كان أبرزها كيمارك (مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبيَّة)، التابع لوزارة الحرس الوطنيِّ، والتعاون قائم -بفضل الله- بين وحدة أبحاثنا، وبين العديد من متخصِّصي أبحاث الخلايا الجذعيَّة في جامعاتنا، والمراكز البحثيَّة؛ ممَّا أعطى زخمًا للنشر في مجلَّات علميَّة عالميَّة.
هناك تسابق عالمي في مجال أبحاث الخلايا الجذعية، ومحاولة تطويعها في استخدامها للعلاج مستقبلا، وفي نفس الوقت هناك استغلال لاسمها في علاج بعض الأمراض على غير حقيقة، لذلك حذرت في مقال سابق بعنوان «متاجرو الخلايا الجذعية»، من عدم الإنصات في العلاج بالخلايا الجذعية إلا من جهات رسمية ومصادر موثوق بها.
إنَّ الله -سبحانه وتعالى- سخَّر الخلايا الجذعيَّة لعلاج بعض أمراض سرطان الدم، خاصَّةً لدى الأطفال كعلاجٍ نهائيٍّ وشافٍ -بإذن الله- من سرطان الدم، والمملكة متقدِّمة في هذا المجال -بحمد الله وفضله- وذلك بدعم من الدولة -حفظها الله-، كما أنَّ هناك مَن نجح في زراعتها لمرض القرنيَّة في حالات مرضيَّة محدَّدة (د. محمود شويل من جامعة الملك عبدالعزيز)، وأطلق هذه الأيام خبرًا مفرحًا ومبهجًا وهو ما أعلنه الدكتور أحمد العسكر «رئيس مدينة الملك عبدالعزيز الطبيَّة بوزارة الحرس الوطني»، حيث قال: «تجربة مدينة الملك عبدالعزيز الطبيَّة بوزارة الحرس الوطنيِّ في علاج بعض الحالات المستعصية لمرض التصلُّب اللويحيِّ بواسطة زراعة الخلايا الجذعيَّة مشجِّعة -ولله الحمد-»، كما أنَّ هناك بشائر أوليَّة من نجاح استخدام الخلايا الجذعيَّة في علاج بعض حالات إصابات الحبل الشوكي على مستوى تجارب الحيوان، وتطبيق سريريَّة أوليَّة على الإنسان، كما جاء ذكر ذلك في إصدار بعنوان (Essential of Spinal Cord Injury Medicine)، وقد ساهمنا في هذا المجال -بحثيًّا وكتابةً- بفصل في الإصدار المذكور، كما ذكرتُ سابقًا، فإنَّ الخلايا الجذعيَّة تمثِّل منجمًا للباحثين في سعيهم لإيجاد علاجات للعديد من الأمراض المستعصية، بما في ذلك السرطان، لكن ذلك يحتاج إلى مَن يجيد التنقيب والغوص في الخلايا، والبحث في مكوِّناتها، ومكنوناتها، وكياناتها الجزيئيَّة والجينيَّة.
في الختام، تبقى الدراسات السريريَّة هي القول الفاصل في تحديد فعاليَّة الخلايا الجذعيَّة كعلاج.