الملحم، خبيرة الطقس، تشرح سبب الرطوبة والشعور بالحرارة في الخليج العربي.

قالت الدكتور أفنان بنت عبداللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد، جامعة الملك فيصل بالأحساء، وخبيرة المناخ والطقس، مع ازدياد اعتماد الناس اليوم على متابعة أخبار الطقس بشكل يومي، تظهر في النشرات الجوية مصطلحات متعددة، من أبرزها مصطلح “الحرارة المحسوسة” أو ما يُعرف أحياناً بـ “مؤشر الحرارة” أو “الإحساس الفعلي بالحرارة”، كثير من المتابعين يتساءلون، لماذا تختلف درجة الحرارة المعلنة عن درجة الحرارة المحسوسة التي نشعر بها فعلياً؟ وما الذي يجعل هذا الفارق أحياناً كبيراً، خاصة في مواسم الصيف؟
تؤكد الدكتورة أفنان الملحم أنه لفهم ذلك، يجب أن نُدرك أن درجة الحرارة المعلنة في نشرات الطقس هي ببساطة درجة حرارة الهواء التي تُقاس بالأجهزة العلمية (مثل موازين الحرارة) في أماكن مخصصة بعيدة عن العوامل المؤثرة المباشرة، وأما الحرارة المحسوسة، فهي تأخذ في الحسبان تأثير عوامل إضافية على إحساس الجسم البشري بالحرارة، وأهمها، الرطوبة النسبية العالية، وسرعة الرياح أو سكونها، وطبيعة البيئة المحيطة (مناطق عمرانية أو مفتوحة).
وتضيف الدكتورة الملحم، عندما تكون الرطوبة عالية، كما هو الحال في سواحل الخليج خلال الصيف، فإن الهواء يكون محمّلاً ببخار الماء، مما يُعيق تبخّر العرق من سطح الجلد، وهي الآلية الأساسية التي يبرّد بها الجسم نفسه. مع انخفاض معدل التبخر، ترتفع حرارة الجسم، ويشعر الإنسان بحرارة أعلى بكثير من المعلنة.
وعللت الدكتورة الملحم، بمثال بسيط، لو كانت درجة الحرارة المعلنة ٤٠°م، ومع وجود رطوبة نسبية عالية (٧٥٪ مثلاً)، فإن الجسم قد يشعر بما يعادل ٥٠°م أو أكثر كحرارة محسوسة. وهذا ما يُفسر لماذا في بعض الأيام نُحس بحرارة خانقة رغم أن درجة الحرارة المُسجّلة تبدو عادية.
وتتابع، على الجانب الآخر، عندما تكون الرياح نشطة وجافة، تساعد في تبخّر العرق وتُخفف الإحساس بالحرارة، وهنا قد تكون الحرارة المحسوسة أقل نسبياً، ومن الجدير بالذكر أن تأثير الرياح على الإحساس بدرجة الحرارة لا يقتصر على فصل الصيف فقط، ففي فصل الشتاء، عندما تكون درجات الحرارة منخفضة، تُساهم الرياح النشطة في زيادة الإحساس بالبرودة، فعندما تهب رياح باردة على الجلد، تُسرّع من فقدان الحرارة من الجسم، مما يجعل الإنسان يشعر ببرودة أشد مما تُسجّله مقاييس الحرارة، فلو كانت درجة الحرارة مثلاً ١٠°م، ومع وجود رياح نشطة، قد يشعر الإنسان بما يعادل ٥°م أو أقل كحرارة محسوسة، هذا يُعرف علمياً بمصطلح “برودة الرياح المحسوسة”، وهو يُدرج أيضاً في نشرات الطقس خلال مواسم البرد، لتنبيه الناس إلى ضرورة ارتداء الملابس المناسبة وتقليل التعرض المباشر للرياح الباردة.
وتشير، الدكتورة الملحم أن فهم مؤشر الحرارة المحسوسة مهم جداً للصحة العامة، لا سيما في مواسم الحر الشديد، حيث يُمكن أن يؤدي ارتفاع الحرارة المحسوسة إلى زيادة خطر الإجهاد الحراري وضربات الحرارة، خصوصاً لدى الفئات الحساسة مثل كبار السن والأطفال ومرضى القلب.
وتختتم بقولها، لذلك، من المفيد متابعة نشرات الطقس التي تُقدّم مؤشر الحرارة المحسوسة، إلى جانب درجة الحرارة العادية، حتى نُخطط بشكل أفضل للأنشطة اليومية ونتخذ الاحتياطات اللازمة، مثل تجنّب التعرض المباشر للشمس في أوقات الذروة، وشرب كميات كافية من السوائل، وارتداء الملابس المناسبة.
وبهذا، يصبح مفهوم الحرارة المحسوسة أداة توعوية هامة، تساعد في تعزيز الوعي المجتمعي بالمخاطر الحرارية، وفهم أفضل للتغيرات الجوية التي نُعايشها يومياً، سواء في موسم الصيف أو موسم الشتاء