لا تعاقب طفلك.. اغمره بالحنان!

في لحظة غضب.. ترتفعُ اليدُ ويهبطُ الصوتُ على جسد صغيرٍ لا يملك سلاحًا سوى البكاء. ثم يقول الأبُ أو الأُم: “أنَا أُربِّيه .. مو أضربه”.
لكن السؤال المؤلم: هل كل ما نسمِّيه “تربية”… هو حقًّا تربية؟ أم أنَّنا نُلبسُ العُنفَ قناعَ الحزم، ونبررُ القسوةَ على أنَّها إصلاح؟
الفرق بين الحزم والعنف ليس خيطًا رفيعًا.. بل هاوية تربويَّة قد يلقى فيها جيل كامل.. إذا لم نفقه الفارق.
قد يبدو الضرب أسهل الطرق: ضغطة زر تُنهي مشهد فوضى، صفعة تُوقف شغبًا، عصا تُعيد النظام.. مؤقتًا.
لكن ما يحدث في الداخل؟
خوف يتراكم، احترام يتلاشى، شخصيَّة تهتز، ومشاعر تنغلق دون أنْ يشعر الأبُ أو الأُم بشيءٍ.
الطفل لا ينسى اليد التي ضربته، حتَّى لو قال “أنا آسف”.
بين الحزم والعنف.. فجوة في الفهم:
– الحزم يعني أنْ تضع قوانين واضحةً وتلتزم بها أنت قبل ابنك.
– العنف هو أنْ تفرغ غضبك على ابنك؛ لأنَّك فشلت في ضبط نفسك.
– الحزم أنْ تُعاقب برشدٍ، وتهدأ بعد الغضب، وتشرح السَّبب.
– العنف أنْ تصرخ وتضرب وتنسحب.. وتترك الطفل يغرق في صمته.
لماذا نلجأ للضرب؟
لأنَّنا غالبًا نكرر ما تربينا عليه دون وعي؛ ولأنَّنا نعتقد أنَّ الصوت العالي “يُقنع”، والصفعة “تُعلِّم”، أو لأنَّنا لم نتعلَّم كيف نربِّي إلَّا بالعصا!
لكن الجيل اختلف.. الطفل اليوم ذكيٌّ حسَّاسٌ يحلِّل، يُخزِّن، يتفاعل، لا يستجيب للقوَّة، بل للثقة، ولا يخضع للقهر، بل ينفتح للحوار والاحترام.
تربية بلا ضرب.. هل تعني تربية بلا ضوابط؟
أبدًا.. التربية الواعية ليست تدليعًا، ولا تسيُّبًا، بل تربية تبني جسرًا بين الحبِّ والحد، أنْ تقول: “لا” دون أنْ تكسر، أنْ تعاقب دون أنْ تُهين، أنْ تربِّي لا أنْ تفرِّغ شحنة غضبك في كائن صغير لا حولَ له.
ماذا يحتاج الطفل؟
– يحتاج أنْ يخاف من نتائج أفعاله، لا من وجهك الغاضب.
– أنْ يحترمك؛ لأنَّه يراك قدوةً، لا لأنَّه يخاف عصاك.
– أنْ يشعر بالأمان؛ ليخطئ ويتعلَّم، لا أنْ يتعلَّم الخوف والتمثيل.
لا تضرب طفلك.. رَبِّهِ، علِّمه، واصبر، واحتوِ، واستخدم عقلك لا يدك.. فكل لحظة غضب تفرغها عليه.. قد تبني جدارًا بينكما يحتاج سنوات لهدمه، التربية ليست عضلاتٍ، بل قلبٌ ووعيٌ وإستراتيجيَّةٌ طويلةُ المدى، امنح ابنك طفولةً آمنةً؛ ليمنحك مستقبلًا ناضجًا.