الخوف من فقدان العمل

يشعر الكثير من الأشخاص حول العالم، بالقلق الشديد من الخطر المحتمل، الذي قد تشكِّله التكنولوجيا على وظائفهم. وفي هذا الخصوص يقول الأكاديمي والباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأمريكي «نعوم تشومسكي: إنَّ الوعد ليس زائفًا؛ بل هناك الكثير والكثير من المتوقَّع حدوثه في مجال الثورة التكنولوجيَّة والمعلوماتيَّة الرَّائعة، خلال المستقبل القريب. فقط علينا أنْ نتأمَّل -والكلام لا يزال للباحث- ما حدث لنا خلال عقدين من الزَّمن، وكيف أصبحت هذه الأجهزة الصغيرة بأيدينا تختصر المسافات والمشقَّات، وتقوم بالكثير من المهام والخدمات، التي كانت محصورةً على الإنسان.
الملياردير الأمريكي «إليون ماسك»، يرى أنَّه بفضل تقدُّم الذكاء الإصطناعيِّ السَّريع، واستخداماته المتعدِّدة، لن يُضطَّر أحد على العمل في المستقبل؛ لأنَّه لن يجده؛ بسبب ازدياد هيمنة الذكاء الاصطناعيِّ على الكثير من الوظائف التي يقوم بها الإنسان في وقتنا الحاضر.
ورجَّح الكثير من الخبراء أنْ يطيح الإنسان الآلي «الروبوتات» بالكثير من الوظائف في المستقبل القريب، حتى مهنة عمَّال النظافة والبناء، لن تسلم من هيمنة الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل نجد أنَّ مهنة الصحافة والصحفيين معرَّضة هي الأُخْرى للتهديد؛ بسبب ظهور برامج الدردشة الآليَّة المنتشرة في وقتنا الحاضر، وبرامج مثل «تشات جي بي تي»، والتي يمكنها إنشاء نصٍّ متكاملٍ، والإجابة عن الأسئلة بطريقة تشبه الإنسان تمامًا، لذلك فمن المحتمل أنْ يواجهوا الكثير من المنافسة، الأمر الذي من شأنه أنْ يؤدِّي إلى انقراض، أو ارتفاع نسبة مشاركة الإنسان الآلي في هذه الوظائف. والغريب أنَّ مهنة تصفيف وتزيين الشعر «الحلَّاق»، والتي يُطلق عليها «كوافير» نسبة لمصفِّف ومزيِّن الشعر الفرنسيِّ «coiffeur»، من المحتمل جدًّا أنْ يطيح بها الذكاء الاصطناعي، وهناك احتمال كبير يشير له الخبراء لظهور صالونات لتصفيف وتزيين الشعر يقوم بها الذكاء الاصطناعي خلال عشر السنين المقبلة.
وأظهر الاستطلاع السنوي للعام الفائت، والذي تجريه شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، أنَّ ما يقرب من ثلث العيِّنات في الاستطلاع قالوا إنَّهم قلقون بشأن احتماليَّة استبدال بدورهم، التكنولوجيا في غضون ثلاث سنوات.
وفي هذا الصدد يقول كاتب المحتوى «أليس مارشال» والمقيم في مدينة برستول البريطانيَّة: «أعتقدُ أنَّ الكثير من المنتجين قلقون، نأمل جميعًا في أنْ يتعرَّف عملاؤنا على قيمتنا، ويرجِّحوا العمل الإنساني وجودته على السعر والراحة التي توفِّرها أدوات الذكاء الاصطناعي».
أمَّا خبراء الموارد البشريَّة، فلديهم رأي آخر وهو: أنَّه على الرغم من أنَّ بعض القلق قد يكون له ما يبرِّره، يحتاج الموظفون إلى التركيز على ما يمكنهم التحكم فيه، بدلًا من الخوف من خسارة وظائفهم لصالح الآلات، عليهم الاستثمار في تعلُّم كيفيَّة العمل جنبًا إلى جنب مع التكنولوجيا، إذا ما تعاملوا معها كوسيلة، وليس تهديدًا، سوف يجعلون أنفسهم مع الوقت أكثر قيمة للمستفيدين من الخدمة وأصحاب العمل.