«الميتوكوندريا وعلاقتها بعملية الشيخوخة»

«الميتوكوندريا وعلاقتها بعملية الشيخوخة»

من عجائب صُنع الله في الخَلق البيولوجي، أنَّ كلَّ خلية مزوَّدة بخزان وقود، يمدُّها بالطاقة؛ لكي تبقى حيَّةً تؤدِّي وظيفتها البيولوجيَّة، أطلق عليه اسم «ميتوكوندريا»، ولأهميَّتها وعلاقتها بظهور بعض الأمراض، وملامح الشيخوخة، فإنَّ معظم البحوث اليوم تخصُّها بالاهتمام والدراسة.

فعند إصابة مصنع الطاقة (الميتوكوندريا) بالاعتلال، تبدأ الخلية بعلامات تشير إلى بعض الأمراض، أو إصابة الخلايا بالشيخوخة، المقصود بالشيخوخة هي تلك التغيُّرات البيولوجيَّة السلبيَّة التدريجيَّة التي تطرأ على خلايا الجسم، فتفقدها نضارتها، وشيئًا من وظيفتها، وهي تتعاظم ظهورًا مع مرور الزَّمن، كما أنَّها تختلف في بداية ظهورها من شخص لآخر، ومن شعب لآخر، وإنْ كان هناك مَن يذهب لتحديد بداية ظهورها بعمر ٦٥ عامًا، أو ٧٠ عامًا، لكنَّني -شخصيًّا كبيولوجيٍّ- لا أذهبُ لتحديد سنٍّ معيَّنة للشيخوخة يمكن أنْ نطبِّقه على كلِّ البشر باختلاف تباينهم الوراثيِّ، وتنوُّع أنماط حياتهم المعيشيَّة، صحيحٌ أنَّ القانون البيولوجيَّ يحتِّم أنْ تبدأ الخلايا بضعفٍ في تكوينها، وأداء وظائفها في المرحلة المبكِّرة من العمر، ثمَّ تزداد قوَّةً شيئًا فشيئًا إلى أنْ تعود للضَّعف مرَّة أُخْرى، وهذا النمط البيولوجيُّ لدورة الحياة لكلِّ بني البشر، كما قال تعالى: (وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ).

أعودُ لموضوعنا، وهو ما هي علاقة الشيخوخة بالميتوكوندريا؟ لأقول: إنَّ الأبحاث الحديثة تشير وبقوَّة إلى أنَّ اعتلال أنظمة الوقود في الخلايا (اعتلال الميتوكوندريا) ونفاد كمية الطاقة فيها من أهم الأسباب لظهور معالم الشيخوخة للخلايا، والتبكير بها، وإصابتها بالهَرَم، وإنَّ ذلك يُعتبر ثاني أهم سبب، بعد السَّبب الرئيس، الذي يعود إلى التيلوميرات التي توجد في نهاية الكروموسومات، التي يُعتبر تآكلها وقصرها مع تقدُّم العمر سببًا رئيسًا لظهور الشيخوخة، ويبقى السؤال: هل هناك أغذية، أو بعض الأدوية تمنع اعتلال الميتوكوندريا، أو تحدُّ من نفاد كميَّة الطاقة التي بها، وبالتالي تأخُّر الشيخوخة؟ هذا ما سأفردُ له مقالًا آخرَ -بإذن الله-.