إضفاء الطابع الإنساني على مدينة طيبة ضمن إطار رؤية 2030

إضفاء الطابع الإنساني على مدينة طيبة ضمن إطار رؤية 2030

المدينة المنوَّرة، فيها السكينة والطمأنينة، وسمو الرُّوح والبركة المضاعفة، يستشعر كل مسلم على وجه الأرض قدسيَّتها؛ لأنها تضم في ثراها الطاهر أكرم خلق الله النبي الخاتم محمد بن عبدالله -عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ-.

ومن جوار المسجد النبويِّ، وعندما تقبل على القبة الخضراء وأنت تمشي في ساحات الحرم الشَّريف، تستشعر عِظم نعمة الله عليك، أنْ تكون من أهلها، وممَّن اختصَّهم الله بهذا الجوار المبارك.

عشتُ طفولتي المبكِّرة في حي الزاهديَّة، في بيت جدِّي الشيخ حمدان -رحمه الله- عمدة قباء، كنتُ أحظى بالسَّير على الأقدام؛ للتوجُّه إلى الحرم بصحبة والدي، ووالدتي -رحمهما الله-. أعي جيدًا هذا التطوُّر الكبير، وهذه العناية الفائقة التي توليها القيادة الرَّشيدة للمدينة المنوَّرة، وهذا التطوُّر المتسارع وخاصَّة اليوم في هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان، وسمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان عرَّاب الرُّؤية، والذي يشرف دومًا ويتابع كل المشروعات التطويريَّة للمدينة المنوَّرة، وبمتابعة حثيثة من سمو أمير المنطقة الأمير سلمان بن سلطان -سدَّد الله خطاه- تتحقَّق بوادر نجاحات متتابعة لرُؤية 2030، ومشروع أنسنة المدينة من ضمن هذه المشروعات لتحقيق أعلى مؤشرات جودة للحياة، حيث يأتي هذا المشروع كخطوة إستراتيجيَّة تهدف إلى تحسين وجودة الخدمات التي تقدِّمها أمانة منطقة المدينة المنوَّرة، بقيادة المهندس فهد البليهشي، الذي يضع له بصمة قويَّة في كلِّ مشروع يُنفَّذ، وكل مبادرة نوعيَّة يمتد أثرها، يستشعرها أهل المدينة، وزوَّارها، ويتلمسونها، ويثنون عليها.

وهاهو اليوم يتشرَّف معاليه بتمثيل المملكة في منتدى الحكومات المحليَّة والإقليميَّة ضمن برنامج المنتدى السياسي رفيع المستوى، لأهداف التنمية المُستدامة 2025 بمقر الأمم المتحدة، والذي يُعدُّ مؤشِّرًاَ حقيقيًّا على ثقة القيادة الحكيمة فيمن يمثِّل وطنه خير تمثيل، ويقدِّم الصورة المشرِّفة للقيادات السعوديَّة، التي تعمل وفق خطط محكمة، تقودنا نحو مستقبل مشرق.

في المدينة تُحكى القصص، وتُروى الأحاديث عن تجربة روحيَّة وثقافيَّة فريدة للزوَّار والسكَّان، ومشروع أنسنة المدينة يركِّز على تحقيق أهداف إستراتيجيَّة تتمثَّل في تحسين البنية التحتيَّة، وتطوير شبكات الطرق والمواصلات، وإنشاء مساحات خضراء وحدائق عامَّة.

وقد تداولت وسائل الإعلام -مؤخَّرًا- أهميَّة الهويَّة البصريَّة التي تمثَّلت في اللوحات الإرشاديَّة، والتي تعمد إلى تحسين تجربة التنقُّل للسكَّان والزوَّار، عبر توفير معلومات واضحة، من أجل تطوير بيئة حضريَّة صديقة للإنسان، وقد تميَّزت بتصاميمها وألوانها الفريدة والمميَّزة، وهذه اللوحات انتشرت في كل أحياء المدينة ومرافقها بطريقة إبداعيَّة، ومن مهامها تعزيز كفاءة التنقُّل لتحقيق بيئة عمرانيَّة جاذبة ومستدامة بما ينسجم مع مستهدَفات رُؤية 2030. كما يهدف مشروع الأنسنة لتعزيز الثقافة والتراث، والحفاظ على المعالم التاريخيَّة، وتعزيز الفعاليَّات الثقافيَّة، والمدينة وأهلها على موعد خلال الأيام المقبلة مع المعرض الدولي للكتاب، والذي تنظِّمه وزارة الثقافة، ممثَّلةً في هيئة الأدب والنشر.

كما يوفِّر مشروع الأنسنة الخدمات الأساسيَّة، وتحسين جودة الخدمات الصحيَّة والتعليميَّة والاجتماعيَّة للمواطنين والمقيمين. وكذلك تعزيز السياحة، وجذب الزوَّار، من خلال تحسين تجربة الزائرين، وتوفير مرافق حديثة.

تضمن مشروع الأنسنة تطوير الأحياء السكنيَّة، وإعادة تأهيل الأحياء القديمة، وتوفير المرافق الحديثة، وإنشاء مسارات للمشاة والدرَّاجات؛ وتوسيع المساحات الخضراء. هذه المبادرات الوطنيَّة أعادت اكتشاف المواهب الشابَّة وتبنَّت أفكارهم الإبداعيَّة وشجَّعت المشروعات الرياديَّة المبتكرة، من أجل تحقيق الاستدامة الاقتصاديَّة، وخلق فرص عمل جديدة للشباب والفتيات، من خلال تطوير السياحة والبنية التحتيَّة.

يُعتبر هذا المشروع رائدًا، وخطوة هامَّة نحو تحقيق مستهدَفات رؤية 2030 وتحسين جودة الحياة في هذه المدينة المقدَّسة التي قال عنها النبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: (المَدينةُ خَيرٌ لَهُم لَوْ كَانُوا يَعلَمُون)، فاللَّهُمَّ ارزقنا في المدينة عيشةً هنيَّةً، وميتةً سويَّةً، وردَّنَا إليهَا ردًّا جميلًا.