أفكار من (المعلم الرائد)

– كان (أرسطو) متحمِّسًا للفنون الجميلة والدراميَّة، فمشاهدتها تساعد على «تطهُّر» النفس بالانغماس المؤقت في المشاعر المتأجِّجة، ومنها مشاعر الحزن والشفقة والخوف، وهي التي تدفعنا حتى للبكاء، وهو -أي التطهُّر- أمرٌ مرغوبٌ فيه بين حينٍ وآخرَ لإعادة التوازن للنفس والمشاعر.
– ويؤكد (أرسطو) في فلسفته على فضيلة التأمُّل، ويعدها الفضيلة العُظمَى التي تُحقِّق للإنسان الفاضل أخلاقيًّا أقصى درجات السعادة والحريَّة. وكان يرى أنَّ المعرفة شرط للإنسان الفاضل أخلاقيًّا، أي أنَّ الفضيلة الحقَّة مرتبطة بالمعرفة الحقَّة ارتباطًا لازمًا.
– وفي رأي (أرسطو) أنَّ الناس المحبوبين هم الذين لا يتطفَّلُون على الآخرين، والذين من الممتع العيش معهم، وقضاء الأوقات في صُحبتهم، وهم يتمتَّعُون بمزاج جيد، وغير مولعين بانتقاد أخطاء غيرهم، وليسوا شرسين، أو محبِّين للخصام، ولديهم روح الفكاهة من غير سخرية.
– وكان (أرسطو) يدعو إلى تجنُّب الثناء المفرط، والبُعد عن التزلُّف، والتملُّق، والنميمة. ويعتبر الإنسان السعيد هو الصريح في الحب وفي البغض على السواء، فمَن يحتاج إلى إخفاء مشاعره، يخشى ما يظنه الناس، وهذا لا يعني عدم كونه مهذَّبًا وحذرًا في الوقت نفسه.
– تتحكَّم العواطف كثيرًا في قدرة العقل على التفكير، حتى أنَّ (أرسطو) اعترف بأثر العواطف على منطق الإنسان وقراراته، فكل خبراتنا ومشاهداتنا تؤثِّر في العقل الباطن (اللاوعي) لتختبئ فيه، حتى تظهر على هيئة انفعالات وردود أفعال، واضطرابات نفسيَّة، وزلَّات لسان، وأحلام منام.
– والصداقة في رأي (أرسطو) أحد أعظم متطلَّبات الحياة التي لا غنى عنها. فالصداقات الجميلة الداعمة، تتميَّز بالتوافق الفكري، والاهتمامات المشتركة والتجانس الروحي، والشعور بالغربة التي يُهوِّنها كل صديق على الآخر. – وعن السعادة، يشير (أرسطو) إلى أهميَّة «التدبُّر»، أي التفكير في أفضل وسيلة لتحقيق الغاية التي تضمن السعادة، لكنَّه يعترف باحتمال وقوع الحظ السيئ الذي يهدم كل تخطيط، ويُفْشِل كل تدبُّر. وحول هذا يقول: «حياة بلا تخطيط هي بكل تأكيد حياة لا تستحق أنْ تُعاش».
– وختامًا، لا غرابة في أنْ يعدَّ (أرسطو) «الفلسفة» من أهم أسباب السعادة: «إنَّ حياة الفلسفة أسعد حياة».. فالفلسفة الأخلاقيَّة تُعلِّم المرء أنْ يفعل من دون أوامر ما يفعله الآخرون؛ خوفًا من القانون.