ارتفاع موجة (المزاح)!

ارتفاع موجة (المزاح)!

موجة جديدة قديمة، تلك التي يبحث فيها صانعوها عن انتزاع (الضحكة) على حساب الطرف الآخر (الضحيَّة) المغلوب على أمره، كما هو شأن مقالب (الكاميرا الخفية) زمان، وغيرها من البرامج الفكاهيَّة، هكذا تُسمَّى حتى، وإنْ كانت تقوم على مصادرة كل حقوق الإنسانيَّة لأهداف تجاريَّة.

إلَّا أنَّ الجديد اليوم، هو أنَّ تلك المقالب تمارس قصدًا بين أفراد كل منهم يبحث عن حقِّه في سداد مقلب سابق، مع تصوير ذلك، ونشره رغم كل ما يكتنف ذلك من خطورة، المهم يرتفع عدد المشاهدات، ويستمر عدد المتابعين في الصعود، دون أيِّ اعتبار لأيِّ قيمة أخلاقيَّة، أو أثر سلبيٍّ لذلك على المُشاهد، وأخصُّ بذلك صغار السِّن.

وهنا لك -عزيزي القارئ- التوقُّف عند: ما هي الفائدة من كلِّ ذلك؟ ولماذا يُترك أولئك دون رادع؟ ونحن اليوم نشاهد في ذات السياق مَن يقوم بممارسة مسابقات تعتمد على (ضرب) الخاسر، وهو ضرب لا شكَّ في خطورته، ولكم تخيُّل أنْ يكون ممَّن يقلدِّونهم في ذلك مَن يعاني من مرض يعلمه، أو لا، فيتعرَّض لمثل ذلك الضرب، ثمَّ يُصاب بأذى، وقد يدفع حياته ثَمَنًا لموجة التقليد الأعمى، التي تتصاعد يومًا بعد يومٍ.

وأذكر هنا مَن أُصيب بحالة نفسيَّة تلازمه منذ ذلك المقلب المشؤوم، الذي حوَّل رحلة شبابيَّة إلى مأتم، والجمع قد تفرَّق في بطون الأودية؛ بحثًا عن أخٍ لهم كانت ردَّة فعله على ذلك المقلب، بما لا يخطر على بال أحد، فضلًا عمَّا وجد عليه من حالة يُرْثَى لها، بعد مهمَّة بحث طويلة، والسَّبب لحظة طيش في صناعة مقلب، أغفلت فيه كل شيء، وانساقت خلف وَهم (ضحكة)، الله وحده العالم ماذا سيكون بعدها.

لنصل إلى أنَّ ما يُلاحظ من تصاعد لموجة (المقالب)، له ما بعده من أثر، وإنْ كان التركيز غالبًا على الجانب (المضحك) إلَّا أنَّ الجوانب الأُخرى المسكوت عنها تتحدَّث بكلِّ معاني الحزن، والألم، سواء في الجانب الإنسانيِّ، وحقوق الطرف الضحيَّة، أو في البُعد الاجتماعيِّ لمجتمع جعل -بكل أسف- من أصحاب تلك الحسابات (مشاهير)، في وقت هم يغرزُون خنجر الهدم في ظهره، وعند كل مَن لمس الأثر السلبي لذلك الخبر اليقين.. وعلِمي وسلامتكُم.