التطورات والتجديدات في المجتمع

التطورات والتجديدات في المجتمع

ما بين عامي 2020 و2025، قطعت المملكة العربيَّة السعوديَّة شوطًا كبيرًا نحو التحديث الاجتماعي، حيث انتقلت من مرحلة الحذر التقليديِّ إلى مرحلة الانفتاح المتَّزن، ورغم أنَّ التغيُّر الاجتماعيَّ يُعدُّ مسارًا طويلًا ومعقَّدًا، فإنَّ المملكة استطاعت أنْ تخلق توازنًا بين الحفاظ على الهويَّة الدينيَّة والثقافيَّة، وبين متطلَّبات العصر الحديث.

شهد المجتمع السعودي في السنوات الخمس الماضية تحوُّلًا جذريًّا واسع النطاق، شمل مختلف الجوانب الاجتماعيَّة، نتيجة لرُؤية المملكة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- التي تهدف إلى تحديث البنية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. وقد انعكست هذه الرُّؤية بوضوح على سلوك الأفراد، دور المرأة، نمط الحياة، والأنشطة الثقافيَّة والترفيهيَّة.

من أبرز مظاهر التغيُّر الاجتماعيِّ هو تمكين المرأة، حيث أصبحت جزءًا فاعلًا من سوق العمل والحياة العامَّة.

ووفقًا لهيئة الإحصاء، بلغت نسبة مشاركة المرأة السعوديَّة في سوق العمل 36% عام 2024، بعد أنْ كانت لا تتجاوز 19.7% في عام 2017.

تمَّ تعيين المرأة في مناصب قياديَّة، أبرزها تعيين أوَّل امرأة في منصب سفيرة، إضافةً إلى تمثيل المرأة في مجالس إدارات كُبْرى الشركات والبنوك.. ودخلت المرأة مجال قيادة السيَّارات عام 2018، فأصبح أمرًا معتادًا، وبحلول عام 2025 تجاوز عدد النساء الحاصلات على رخصة قيادة 750 ألف امرأة.

وشهدت الحياة العامَّة تحوُّلات هائلة، حيث أُتيحت مساحات جديدة للتفاعل الاجتماعيِّ من خلال الفعاليَّات الثقافيَّة والترفيهيَّة.. فانطلقت فعاليات موسم الرياض في أكثر من نسخة، واستقطبت نسخة 2023 أكثر من 15 مليون زائر خلال ثلاثة أشهر فقط.

وقد تم افتتاح أكثر من 60 دار سينما في مختلف مدن المملكة، بعد رفع الحظر عنها عام 2018، وسجَّلت إيرادات السينما السعوديَّة عام 2024 ما يزيد عن 1.1 مليار ريالٍ سعوديٍّ. وأصبح الحضور إلى الحفلات الموسيقيَّة والمهرجانات متاحًا للرِّجال والنِّساء، بحضورٍ مشتركٍ، في بيئة من التنظيم والانضباط.

وقد ساهم التطور التكنولوجي في إحداث تغيير نوعي في سلوك الأفراد، وأنماط التفاعل الاجتماعي، وبلغت نسبة استخدام الإنترنت أعلى مستوياتها، حيث وصلت إلى 98% من السكان في 2025، مقارنةً بـ89% في 2019، وفقًا لهيئة الاتِّصالات.

وتضاعف حجم التجارة الإلكترونيَّة في السعوديَّة، ليبلغ 64 مليارَ ريالٍ سعوديٍّ في عام 2024، بعد أنْ كان قرابة 30 مليارًا في 2020.

وازدهرت منصَّات التعليم عن بُعد، وبلغ عدد المسجَّلين في منصَّات التعلم الرقميِّ مثل: «مدرستي»، و»رواق»، و»نون أكاديمي» أكثر من 7 ملايين مستخدم.

هذه التغيُّرات المتسارعة دفعت إلى إعادة تشكيل بعض القيم الاجتماعيَّة، فزاد تقبُّل التنوُّع والاختلاف داخل المجتمع، وظهر مفهوم «التسامح المجتمعي»، و»التعايش» بشكل أوضح، لا سيَّما بين الأجيال الشابَّة.

وقد تغيرت نظرة المجتمع تجاه العمل المهني واليدوي، حيث أصبح من المألوف رؤية الشباب يعملون في قطاعات الضيافة والتجزئة والتقنية، دون حرج اجتماعي.