كيف تستطيع وسائل التواصل الاجتماعي تحديد شخصيتك؟

كيف تستطيع وسائل التواصل الاجتماعي تحديد شخصيتك؟

في عصرنا الرقميِّ، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزَّأ من حياتنا اليوميَّة، إذ نشارك من خلالها تفاصيل يومياتنا، آراءنا، هواياتنا، وحتى مشاعرنا. إلَّا أنَّ القليل من المستخدمين يدركون أنَّ هذه المنصَّات لم تعد تكتفي بما نقدِّمه طواعيةً، بل أصبحت تمتلك القدرة على تحليل شخصياتنا بدقَّة، بناءً على سلوكنا الرقمي.

كيف تعرف عنك وسائل التواصل شخصيتك؟

أول ما تستند إليه هذه المنصَّات هو المحتوى الذي تنشره باستمرار: منشوراتك، صورك، تعليقاتك، وحتى الكلمات التي تستخدمها، جميعها تكشف جانبًا من شخصيتك وميولك. فمن ينشر كثيرًا عن التقنية مثلًا يُصنَّف على أنَّه شخص مهتم بالتكنولوجيا، ومَن ينشر عن الرياضة يُعرف بأنَّه رياضي التوجه.

إلى جانب ما تنشره، تراقب هذه المنصَّات ما تتابعه وتتفاعل معه، فالحسابات التي تتابعها، ونوعيَّة المحتوى الذي تعجب به أو تشاركه، تساهم في تكوين صورة ذهنيَّة عن اهتماماتك، بل وحتى عن حالتك النفسيَّة.

ثم هناك سلوكك الرقمي الخفي، الذي لا تدركه غالبًا: أوقات استخدامك، نوعية المحتوى الذي تستغرق وقتًا أطول في مشاهدته، الصفحات التي تزورها بشكل متكرر.

كل هذه التفاصيل، مهما بدت صغيرة، تجمعها المنصَّات لبناء نموذج تحليلي عنك.

كيف تحلل المنصَّات هذه المعلومات؟

تعتمد منصات التواصل على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وبعضها يستخدم نماذج معروفة لتحليل الشخصيَّات مثل نموذج السِّمات الخمس الكُبْرى (Big Five): الانفتاح للتجارب، الضمير الحي، الانبساطيَّة، التوافق، العصبيَّة أو القلق.

ومن خلال هذا التحليل تستطيع هذه المنصَّات أنْ تحدد إذا كنت شخصًا اجتماعيًّا، منطويًا، مهتمًّا بالثقافة أو الرياضة، هل تفضِّل الجديَّة أو الفكاهة، هل تُظهر ميولًا للقلق أو للطمأنينة. والغاية من ذلك؟ ببساطة: توجيه الإعلانات بدقَّة، وزيادة بقائك على المنصَّة لأطول وقت ممكن.

لماذا يجب أنْ نعي هذا الأمر؟

إن إدراكنا لهذا الواقع يجعلنا أكثر حذرًا في تعاملنا مع هذه المنصَّات، فالمشكلة لم تعد فقط في الخصوصيَّة، بل في قدرة هذه الوسائل على تشكيل سلوكنا وتوجيه قراراتنا اليوميَّة دون أنْ نشعر.

كيف تحمي نفسك؟

– لا تشارك تفاصيل حياتك الخاصة دون داعٍ.

– راجع إعدادات الخصوصية باستمرار.

– كن واعيًا بما تتفاعل معه؛ لأنَّ كل “إعجاب” أو “مشاركة” هو جزء من تحليل شخصيتك.

– لا تمنح التطبيقات صلاحيات الوصول غير الضرورية.

ختامًا، إنَّ حماية هويتنا الرقميَّة أصبحت ضرورةً لا ترفًا؛ لأنَّ الشخصيَّة التي تصيغها هذه المنصَّات عنَّا اليوم، قد تكون هي ما يُعرض علينا غدًا، من محتوى، ومن إعلان، ومن أفكار.

* متخصص في الأمن السيبراني