الملحم: ارتفاع مستوى الرطوبة في صيف الخليج العربي خطر خفي يهدد الصحة العامة

قالت الدكتورة أفنان بنت عبداللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد بجامعة الملك فيصل بالأحساء، مع دخول أشهر الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد أهمية فهم العلاقة بين مستويات الرطوبة العالية وارتفاع احتمالية حدوث ضربات الحرارة بين السكان، خصوصاً في دول الخليج العربي ذات المناخ الصحراوي-الساحلي الفريد، ولابد من التوضيح بين العلاقة بين الرطوبة العالية وضربات الحرارة بلغة علمية مبسطة.”

وتشير الدكتورة الملحم، إلى أن الرطوبة هي كمية بخار الماء الموجود في الهواء، وكلما زادت نسبة الرطوبة، أصبح الهواء أكثر “امتلاءً” ببخار الماء، مما يُصعّب على الجسم التخلص من الحرارة عن طريق تبخر العرق، أما بالنسبة لـ ضربة الحرارة (Heat Stroke) فهي حالة طبية طارئة تحدث عندما يفشل الجسم في تنظيم حرارته الداخلية، وترتفع إلى مستويات خطرة (أكثر من 40 درجة مئوية)، وتحدث عادة بسبب التعرض لفترات طويلة للحرارة الشديدة، خصوصاً عندما تكون مصحوبة برطوبة عالية، مما يُضعف التبخر الطبيعي للعرق.

وتتابع الدكتورة الملحم، إنّ آلية تبريد الجسم الأساسية هي تبخر العرق من سطح الجلد، وهذا يُزيل الحرارة من الجسم، ولكن عندما تكون الرطوبة عالية، يكون الهواء مشبعاً ببخار الماء، وهذا يقلل من معدل تبخر العرق، ويقوم الجسم بحبس الحرارة، ومن ثم ترتفع درجة حرارته وتزيد احتمالية الإصابة بضربة حرارة، ويطلق العلماء على تأثير الرطوبة العالية في مضاعفة الشعور بالحرارة مصطلح “التحمئة بالرطوبة”، وهو يشير إلى أن الهواء المشبع ببخار الماء يُعيق تبخر العرق، وبالتالي الجسم يُخزن حرارة أكثر، والشعور الحراري يصبح أعلى بكثير من درجة الحرارة المقاسة.”

وأشارت الدكتورة الملحم إلى أن هناك دراسات تُظهر أنه عند نفس درجة الحرارة، قد تزيد الرطوبة العالية من الشعور الحراري بما يعادل 10 إلى 20 درجة مئوية إضافية.

وتضيف، لذلك يُعد هذا التأثير من أهم عوامل الخطر في مناخات مثل مناخ الخليج العربي، حيث تجتمع الحرارة العالية + الرطوبة العالية لفترات طويلة في الصيف.

تقول الدكتورة الملحم، ما يشعر به الإنسان ليس درجة الحرارة وحدها، بل ما يُسمى “الحرارة المحسوسة” أو Heat Index، وهو مزيج من الحرارة + الرطوبة.”

وحذرت الدكتورة الملحم من أن دول الخليج معرضة للخطر أكثر، حيث إن مناخ الخليج صيفاً مزيج بين حرارة عالية (تتراوح بين 42-48°م) ورطوبة عالية (تصل إلى 70-90%) على السواحل، وفي كثير من الأيام، تصل الحرارة المحسوسة إلى 58-65°م، وهذا يُفسر لماذا نشهد ازدياد حالات الإجهاد الحراري وضربات الحرارة في فصول الصيف.

وحددت الدكتورة الملحم الفئات الأكثر عرضة للخطر، وهم:

كبار السن

الأطفال

مرضى القلب والشرايين.

العمال في المواقع الخارجية (الإنشاءات، الزراعة، خدمات الموانئ).

الرياضيون أثناء التمارين في الخارج.

كما أشارت الدكتورة الملحم، إلى بعض التوصيات العملية للوقاية، ومنها:

متابعة نشرات الطقس ومؤشرات الحرارة المحسوسة.

تجنّب التعرض للشمس خلال ساعات الذروة (10 صباحاً – 4 عصراً).

شرب كميات كافية من الماء بانتظام.

ارتداء ملابس خفيفة، قطنية، فاتحة اللون.

استخدام قبعات ونظارات شمسية عند الخروج.

الحرص على تبريد الجسم بوسائل مساعدة (مراوح + مكيفات).

منح فترات راحة متكررة للعمال في المواقع الخارجية.

وتختتم الدكتورة أفنان الملحم تصريحها قائلة، الرطوبة العالية تُعد عاملاً رئيسياً في مضاعفة خطر ضربات الحرارة خلال فصل الصيف في دول الخليج العربي، وإنّ فهم العلاقة بين الحرارة والرطوبة، واتباع وسائل الوقاية المناسبة، يُعدان من أهم الأساليب لحماية الصحة العامة، خصوصاً للفئات المعرضة للخطر.