إفقار، قصف، قتل.. والتهجير على ظهور الحمير!

أفاد الدفاع المدني في غزَّة، وشهود عيان، أنَّ الجيش الإسرائيلي نفَّذ قصفًا مدفعيًّا أمس، في مدينة دير البلح وسط القطاع، بعدما حذَّر من عمليَّة وشيكة في منطقة لم يسبق أنْ نفَّذ فيها عمليات خلال الحرب.
واستشهد 93 فلسطينيًّا -على الأقل- في شمال غزَّة أول أمس، جرَّاء إطلاق نار إسرائيلي أثناء انتظار المساعدات، وذلك بالتزامن مع صدور أوامر إخلاء جديدة، وتأكيدات أمميَّة بأنَّ هذه التطورات تمثِّل «ضربة قاصمة» للجهود الإنسانيَّة في ظل استمرار الحصار ونقص الإمدادات الأساسيَّة.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، أنَّ 80 شخصًا لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات من شاحنات في شمال غرب مدينة غزَّة، مؤكدًا أنَّ العدوان وقع جرَّاء «إطلاق الاحتلال النار».
وأوضح برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنَّ قافلته التي ضمَّت 25 شاحنة، وتمكنت من دخول شمال غزَّة تعرَّضت لحشود من المدنيين الجائعين «تعرَّضوا لإطلاق نار» فور عبورها نقاط التفتيش الإسرائيليَّة.
وأضاف البرنامج إنَّ «أي عنف يطال المدنيين المنتظرين للمساعدات الإنسانيَّة غير مقبول»، داعيًا لحماية المدنيين والعاملين الإنسانيين.
في المقابل، أفاد الجيش الإسرائيلي أنَّ جنوده أطلقوا «نيرانًا تحذيريَّة لإزالة تهديد مباشر».
وفي جنوب القطاع، أكد (بصل) استشهاد تسعة مواطنين قرب مركز توزيع بمنطقة الشاكوش شمال غرب رفح، وأربعة آخرين قرب دوار التحلية شرق خان يونس.
كما دفع الحصار الإسرائيلي سكان غزَّة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، إلى حافة المجاعة، بحسب تقارير الأمم المتحدة ومنظمات دولية.
وباتت مشاهد مقتل مدنيين ينتظرون المساعدات متكررة، في ظل اتهامات متواصلة لإسرائيل باستهداف الحشود، خاصة قرب نقاط توزيع تشرف عليها «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة إسرائيليًّا وأمريكيًّا.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت هذا الأسبوع مقتل نحو 800 شخص أثناء انتظارهم المساعدات منذ أواخر مايو.
وبدأت «مؤسسة غزَّة الإنسانيَّة» عملها أواخر مايو إثر حصار شامل فرضته إسرائيل لأكثر من شهرين، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة ومنظمات دولية من خطر المجاعة.
وترفض الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التعاون مع المؤسسة؛ لمخاوف تتعلق بالحياد ومصادر التمويل.
وحمَّلت حركة حماس، إسرائيل والإدارة الأمريكيَّة «المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم»، مطالبة بتحقيق دولي عاجل في «الآلية الأمريكيَّة الإسرائيليَّة المشبوهة لتوزيع المساعدات، التي تحوَّلت إلى آلية للقتل الممنهج للمدنيين».
من جهته، حذَّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أنَّ الأمر العسكري الإسرائيلي بالنزوح الجماعي من دير البلح يُعدُّ «ضربة قاصمة أُخرى لشريان الحياة الهش أصلًا في غزَّة».
وشدَّد على أنَّ «أي ضرر يلحق بالعيادات الصحيَّة، والبنية التحتيَّة للمياه، ومستودعات المساعدات في المنطقة ستكون له عواقب مهددة للحياة»، مقدِّرًا أنَّ بين 50 و80 ألف شخص تأثروا بأمر الإخلاء الأخير، ليصبح نحو 88% من مساحة غزَّة تحت أوامر الإخلاء أو ضمن مناطق عسكريَّة إسرائيليَّة.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عدم تمديد تأشيرة مدير «أوتشا» جوناثان ويتال، متهمًا إيَّاه بـ»نشر الأكاذيب» حول الحرب في غزَّة.
في السياق نفسه، شهدت العاصمة المغربيَّة الرباط مظاهرة حاشدة احتجاجًا على تدهور الوضع الإنساني في غزَّة، واستمرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ووفقًا لتقديرات أولية صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، كان هناك بين 50000 و80000 شخص في المنطقة عند صدور أمر الإخلاء، وشوهدت عائلات بأكملها وهي تحمل ما تبقى من متعلِّقاتها على متن عربات يجرُّها الحمير وتتَّجه جنوبًا.
وبالأمس، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزَّة محمود بصل لوكالة فرانس برس «تلقينا اتصالات من عدد من العائلات المحاصرة في منطقة البركة بدير البلح بفعل القذائف من الدبابات الاسرائيلية».
وأضاف «يوجد عدد من المصابين لا أحد يستطيع الوصول للمنطقة لنقلهم».
من جانبه، قال عبدالله أبو سليم (48 عامًا)، من سكان دير البلح «خلال الليل سمعنا انفجارات كبيرة وقوية هزت المنطقة كأنها زلزال، بسبب القصف المدفعي على جنوب وسط دير البلح، والمنطقة الشرقية الجنوبية في دير البلح».
وأضاف «نحن في حالة قلق وخوف شديد من أنْ يكون الجيش يخطط لتنفيذ عملية برية في دير البلح والمخيمات الوسطى التي تضم مئات آلاف النازحين».
وأرغمت إسرائيل جميع سكان غزَّة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة على النزوح مرارًا خلال الحرب المدمرة المستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا، في ظروف إنسانية كارثية.
من جهتها، وصفت مي العواودة، مسؤولة الإعلام في قطاع غزَّة لمنظمة «الإغاثة الطبيَّة للفلسطينيين» البريطانية، الوضع بأنه «حرج للغاية».
وقالت «القصف يحيط مكتبنا من جميع الجهات، والمركبات العسكريَّة لا تبعد سوى 400 متر عن زملائنا وعائلاتهم الذين قضوا ليلة مروِّعة بعد انتقالهم إلى هناك».
وأضافت «هناك خوف متزايد سواء من البقاء أو من محاولة الخروج».