الملحم: نجم سهيل رمز هوية العرب.. تداخل التراث الشعبي مع الواقع المناخي

الملحم: نجم سهيل رمز هوية العرب.. تداخل التراث الشعبي مع الواقع المناخي

لطالما شكّل نجم سهيل حالة وجدانية خاصة لدى سكان الجزيرة العربية، حيث ترقبه الأجيال جيلاً بعد جيل باعتباره بشيراً بقدوم الخريف ونهاية القيظ. ومع طلوعه في سماء أواخر أغسطس، يردد الناس أمثالهم الشهيرة: “طلع سهيل.. بشّروا بالخير”، تعبيراً عن الارتباط الوثيق بين هذا النجم والتغيرات المناخية التي ينتظرها الجميع بعد صيف طويل ومرهق.

ويستحضر ظهوره ذكريات موروثة عن الفلاحين والرحّل الذين كانوا يعتبرونه دليلاً زمنياً على بداية مواسم الحصاد ورحلات الصيد والبر.

وتؤكد الدكتورة أفنان بنت عبداللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد بجامعة الملك فيصل، أن نجم سهيل كان ولا يزال علامة فارقة في ذاكرة شعوب الجزيرة العربية، إذ ارتبط ظهوره تاريخياً بموسم الخريف وانكسار حرارة الصيف اللاهبة، حتى أصبح الناس يبشرون بعضهم بقولهم: “طلع سهيل.. بشّروا بالخير”.

وأوضحت الملحم أن نجم سهيل، ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية، يظهر في النصف الجنوبي من السماء عادة في أواخر أغسطس، ويُنظر إليه كمؤشر على بداية الاعتدال التدريجي للجو، انخفاض الرطوبة، وبدء موسم قطاف التمر ورحلات البر والصيد.

لكنها شددت على أن الارتباط بين سهيل وتغير الطقس ليس سببه النجم ذاته، بل هو ارتباط زمني فقط.

وأضافت، علمياً، نجم سهيل لا يؤثر في مناخ الأرض، لكنه يتزامن مع بداية تراجع الإشعاع الشمسي عن النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وانخفاض ارتفاع الشمس تدريجياً، وهي العوامل الحقيقية التي تؤدي إلى كسر حرارة الصيف ودخول الخريف تدريجياً.

ونوهت الملحم إلى أن حب الناس لسهيل نابع من رمزيته التاريخية والوجدانية، مشيرة إلى أهمية الجمع بين فهم الموروث الشعبي والاستناد إلى الحقائق العلمية، قائلة، يبقى سهيل محبوباً في القلوب لأنه علامة زمنية جميلة تحمل بشائر المواسم، لكن علينا أن ندرك أنه مجرد مؤشر فلكي يتزامن مع التحولات المناخية الطبيعية.

يبقى نجم سهيل علامة مضيئة في ذاكرة العرب، يحمل بين إشراقاته معاني التفاؤل والتجدد. ومع تطور المعرفة العلمية، يتعزز الوعي بأن جمال هذا النجم يكمن في كونه رمزاً زمانياً، يجمع بين عبق الموروث الشعبي ودقة الحقائق الفلكية، فيذكرنا بأن العلم والأسطورة يمكن أن يلتقيا في حب الطبيعة وفهم أسرارها.