معرض الفن المهمل للفنان مشعل العمري: رسالة جمالية وإنسانية وبيئية

افتتح المهندس حسين البحيري مدير عام التدريب الفني والمهني بمنطقة مكة المكرمة، معرض “المهمل” للفنان مشعل العمري، بصالة الفنان عبدالحليم رضوي بجمعية الثقافة والفنون بجدة، بحضور عدد كبير من المثقفين والفنانين ومحبي الفن التشكيلي.
وحول المعرض يقول الفنان مشعل العمري عن تجربته الجديدة التي يقدمها بهذا المعرض: للفنّان عين ترى ما لا يراه سواه؛ عينٌ تلتقط الجمال في قلب التالف والمهمل، وتعيد إليه الحياة والمعنى. فتغدو القطع المتروكة على قارعة الطريق، والأشياء التي فقدت قيمتها في نظر الناس، خامةً ثمينةً في يد الفنّان تتحوّل إلى عملٍ فنّي ينبض بالدهشة والرمزية. تقوم تجربتي الفنية في هذا المعرض على مبدأين متكاملين:
أولًا: حماية البيئة من آثار التلوث والضرر الذي يصنعه الإنسان، عبر جمع بقايا المواد الضارة بالتربة وإنقاذها من أن تظل عبئًا على الأرض.
وثانيًا: استدامة نفع الأشياء، إذ يُعاد تدويرها وتوظيفها في مجال الفن بعد أن تنتهي وظيفتها الأصلية، فتولد من جديد في صورة أعمال تشكيلية تحمل رسالة جمالية وإنسانية وبيئية.
ويضيف الفنان مشعل العمري: كانت شرارة هذه الرحلة الفنية الأولى في لحظات المشي المسائي، حين اعتادت عيني تتبّع الأرضية المزدحمة بقطع البلاستيك، وبقايا الحديد، وبقايا الإنارة والسباكة المهملة، التي لم تعد صالحة للاستعمال. تلك القطع التي التقطتها من الشوارع لتصبح نواة مجموعتي الفنية الخاصة؛ موادّ انتزعتها من مصير الإهمال لتخضع لفكرتي وتشارك في صناعة الجمال.
في المرسم، تبقى هذه المواد حبيسة الانتظار أيّامًا وأحيانًا سنوات، حتى تلوح الفكرة فجأة؛ فتبدأ رحلة بناء اللوحة أو المجسّم: من اختيار الألوان وأحجام القطع، إلى نسج العلاقات بينها في تكوين فنيّ يضفي عليها روحًا جديدة.
ورغم أنّ معرفتي التقنية بفنون الريليف وبأسرار هذا التكوين لم تكن عميقة في البداية، إلّا أنّ الفن بطبيعته إلهامٌ واستغراقٌ وشغف. هو حالة من النشوة والتذوّق الخالص يستولي على الفنان في لحظة صفاء، فيصنع من هذه القطع عملًا فنيًّا يدهش الناظر وينقله إلى عوالم غرائبية وسحرٍ خاص.
هذا المعرض هو ثمرة تلك اللحظات؛ دعوة لرؤية الجمال في غير المألوف، وتأمل قدرة الفن على إعادة تعريف ما هو تالف ومهمل.. ليغدو في النهاية أغلى وأثمن.