هل توجد سياحة تتعلق بالبراكين؟

الإجابة المباشرة: نعم، ولا. فالسعودية تمتلك معالم بركانيَّة فريدة من نوعها على مستوى المنطقة، ولكن هذه المعالم لم تُطوَّر بعد بالشكل الذي يجعل منها وجهةً سياحيَّةً معروفةً على نطاق واسع. التميُّز الجيولوجي للمملكة، خصوصًا في غربها، يمنحها مكانة استثنائيَّة في هذا الجانب، إذ إنَّها تضم أكبر إقليم بركاني في الجزيرة العربيَّة، يُعرف باسم «الحرَّات»، وهي هضاب بركانيَّة تغطِّي مساحة تقارب 180 ألف كيلومتر مربع، وتمتد بشكل متقطع من أقصى الجنوب حتى شمال المملكة بطول يصل إلى حوالى 1200-1400 كيلومتر.
آخر ثوران بركاني مسجل في السعودية، وقع قبل حوالى 800 عام، في عام 654 هجري، قرب المدينة المنوَّرة، ولا تزال آثار ذلك الحدث موجودة إلى اليوم على هيئة فوَّهات ولابات متجمِّدة. وقد يعتقد البعض أنَّ هناك مظاهر بركانيَّة مشابهة في بعض دول الجوار، إلَّا أنَّ الحقيقة الجيولوجيَّة تؤكِّد أنَّ التكوينات البركانيَّة لدينا مختلفة من حيث طبيعتها واتِّساعها وعمرها.
تشمل المعالم البركانيَّة البارزة في المملكة، فوَّهة الوَعْبة (مقلع طمية)، التي تُعدُّ من كُبْرى الفوَّهات في المنطقة، وهي فوَّهة انفجاريَّة نادرة. وهناك أيضًا بركان جبل قَدر، الواقع في حرة رهط جنوب المدينة المنوَّرة، وهو من أكبر البراكين في المنطقة من حيث حجم الحمم البركانيَّة التي تدفَّقت منه، وطبيعة نشاطه وربما هو أعلى بركان في المملكة من حيث الارتفاع. ومن المواقع اللافتة الأُخْرى: فوَّهة الرأس الأبيض، وفوَّهة البيَّاضة، وكهوف الحمم البركانيَّة مثل كهف «أم جرسان»، الذي يمتد لأكثر من 1500 متر، ويُعدُّ من أطول الكهوف البركانيَّة المكتشفة في السعوديَّة. هذه المواقع وغيرها تشكِّل أساسًا قويًّا لإطلاق نمط سياحي جديد، تحت مسمَّى «السياحة البركانيَّة في المملكة العربيَّة السعوديَّة»، وهي سياحة علميَّة وطبيعيَّة في آن واحد، تعتمد على زيارة المواقع البركانيَّة، والتعرُّف على تاريخها الجيولوجي وخصائصها الطبيعيَّة. ورغم أنَّ هذا النوع من السياحة لا يزال في بدايته في المملكة، إلَّا أنَّ هناك خطوات واعدة، مثل إدراج «متنزَّه سلمى الجيولوجي» ضمن قائمة اليونسكو للحدائق الجيولوجيَّة العالميَّة، ويقع هذا المتنزَّه شرق مدينة حائل، ويضم عددًا من الفوَّهات البركانيَّة مثل فوَّهة الهتيمة، وفوَّهة طابة، وفوَّهة النعي.
المملكة تملك المقومات؛ لتكون إحدى الوجهات السياحية البركانية العالمية، وتبقى المسألة في التخطيط والتطوير، وتوفير البنية التحتية، مثل المسارات التفسيريَّة، والمراكز التوعويَّة، والخدمات السياحيَّة المرتبطة بهذه المواقع. وإذا ما تحقق ذلك، فإنَّ السعودية ستكون من الدول الرائدة في هذا النوع من السياحة بمنطقة الخليج والعالم العربي؛ نظرًا لغزارة المواقع، وتفرُّدها العلمي، وقرب بعضها من المدن الكُبْرى.