ماذا سيفعل إذا حدث؟

قبل أيام حدثت مشكلة تقنيَّة في مطار دولة عربيَّة، في نظام الاتِّصالات، كان سببه وجود حريق في أحد السنترات المركزيَّة، وكانت نواتجه على حركة النقل الجويِّ ضخمةً ومؤثِّرةً جدًّا، حيث تعطَّلت كل مسارب الخدمة؛ ممَّا أدَّى إلى تراكم الأفراد والحقائب في انتظار عودة الخدمة، لكنَّها -للأسف- استمرَّت لعدَّة ساعات حينها، ثمَّ أيام بعد ذلك؛ ممَّا دفع بموظَّفي الحجز إلى استبدال بالتدوين التقني لبطاقة صعود الطائرة، التدوين الكتابي، وبالطبع هذا أحدث الكثير من الخلل، وحالة الاختلاط في تدوين أسماء الرحلات، وعدم تدوين المقاعد، وبالتأكيد سيحدث اختلاط مماثل للحقائب، وبما أنَّي كنتُ أحد ركاب إحدى تلك الطائرات، فقد خطر ببالي تساؤل عريض يتَّسع باتِّساع مساحة هذا العالم الذي أصبح يعيش أغلب ممارساته على خدمات التقنية الحديثة، والتساؤل مفاده:
ماذا لو حدث انقطاع للاتِّصالات لأيِّ سبب من الأسباب في نظام الاتِّصالات العالمي، أو حتَّى لدولة، وهذا بالطبع ليس مستحيلًا، بل متوقَّع بدرجة كبيرة، في ظلِّ وجود الكثير من المسبِّبات العسكريَّة، أو الطبيعيَّة لهذا الحدث العظيم؟
والسؤال الأهم، والذي يغفل عنه الكثير جدًّا من أفراد المجتمع، ومنهم بالطبع المخطِّطون، وأصحاب القرار ومفاده: ماذا أعددنا في خططنا الإستراتيجيَّة لبعض الحلول الكفيلة بامتصاص مثل ذلك الحدث الكبير؟ وهل وضعنا الخطط التدريبيَّة لأفراد المجتمع للتعامل معه؟
أعتقدُ أنَّ الإجابة.. لا؛ لأنَّ ذلك الخضم الحضاري التقني قد أغرقنا بمنتجاته، وجعلنا نضعه في عالم المستحيل، وهنا يكمن الخطر.
ولعلِّي من خلال هذين التساؤلين اقترح على الجهات الرسميَّة التي تضع الخطط الإستراتيجيَّة، سواء كانت للدول، أم للمؤسسات أنْ تبدأ من الآن في الالتفات لهذه القضية الهامة جدًّا، والتي تعد نواتجها مهلكة، قد يتضرر منها الملايين من البشر، فحتمًا ستنقطع سبل الطيران بمختلف صورها، وستشل كافة عمليات وخدمات المستشفيات، وستنقطع سبل التواصل، ومنها بالطبع أجهزة الإعلام، وسيتحول المجتمع إلى مجتمع بدائي، لا كهرباء، ولا ماء، ولا تواصل، ولا حتى غذاء.
كما أقترحُ أنْ توفَّر البدائل لكل ركن من أركان هذه القضيَّة، بحيث تصبح جاهزةً لتقديم خدماتها فورًا بعد أنْ تخضع لعمليات التجريب، وأنْ يتم توعية المجتمعات بها، وبمخاطرها، وبتلك البدائل حتى لو تكون ضمن مكوِّنات المنزل لكل أسرة.
وبما أنَّ حياتنا أصبحت تعيش تحت السيطرة الكاملة للتقنية اتِّصالًا وممارسةً، فإنَّ المستوجب أنْ يكون لدينا خزنًا إستراتيجيًّا للمياه، فالماء عصب الحياة، ولا حياة بدونه، فهو الأهم؟ وأنْ يكون لدينا خزن إستراتيجي في الدواء، مع الأخذ بتجديد المدد بعد كل فترة، وأنْ يتضمَّن كلُّ مستشفى حكومي أو خاص قسمًا خاصًّا مجهزًا بكافَّة احتياجاته التي تقوم على العمل اليدوي، وأنْ يكون لدينا خزن إستراتيجي للطاقة، بحيث يكون سبل توزيعها سهلًا وميسَّرًا، وفي متناول اليد دون تقنية، والأهم من ذلك أنْ يكون لدينا ملاجئ في كل حيٍّ من الأحياء، بحيث تكون مهيَّأةً بكافَّة الخدمات والمستلزمات والأدوات الحياتيَّة في كل الظروف المتوقَّعة، كما أقترحُ أنْ تكون التوعية لمثل هذا الحدث، ضمن مادة تعليميَّة تدرس على التلاميذ في كافَّة المراحل.