ما الذي يلي فيلم الهامور؟

ما الذي يلي فيلم الهامور؟

عندما تابعت فيلم الهامور وقت عرضه، لفت انتباهي أداء الفنان الشاب فهد القحطاني. لم يكن اسمه متداولًا في الساحة السينمائية آنذاك، لكن حضوره على الشاشة كان كافيًا ليترك أثرًا حقيقيًا، ويجعلني أدوّن ملاحظة ذهنية: هناك ممثل جديد يستحق فرصة.

ورغم أن الوقت لم يسعفني حينها لكتابة مقال عنه، إلا أن الانطباع لم يبهت، وها أنا اليوم أعود إليه لأوثّق تلك اللحظة التي بدا فيها كل شيء صادقًا وبسيطًا، دون تكلّف أو محاولة للفت النظر.

في البداية، كنت أظن أن له تجارب سينمائية سابقة، وربما أعمالًا عابرة لم ألحظها من قبل. لكن بعد قليل من التحري، تبيّن لي أن الهامور هو أول بطولة سينمائية لفهد القحطاني، وهذا ما جعل التجربة أكثر إثارة للإعجاب، وأكثر إثباتًا على أن الموهبة لا تحتاج إلى سنوات طويلة كي تظهر، بل إلى اللحظة المناسبة والدور المناسب فقط.

في أولى تجاربه، قدّم القحطاني أداءً متّزنًا وعميقًا، مبنيًا على الفهم لا التظاهر. دخل إلى الشخصية بهدوء، وأداها دون استعراض، فظهر ناضجًا على الشاشة، وكأنّه خاض التجربة من قبل.

عيناه كانت تنقل المشاعر بصدق، وتعابيره محسوبة، حتى صمته حمل أحيانًا طبقات شعورية لا تُشرح بالكلام.

ما يُحسب له أيضًا هو احترامه لمكانه داخل المشهد؛ لم يحاول أن يطغى، بل ساهم في تعزيز التوازن العام للفيلم. وهذا نوع من الذكاء الفني لا يُدرَّس، بل ينبع من حس فطري وفهم للدور.

يبقى فيلم الهامور تجربة أولى ناجحة في مسيرة فهد القحطاني، وتجعلنا نتطلّع لما يمكن أن يقدّمه لاحقًا في أدوار مختلفة وأعمال جديدة.

الموهبة الحقيقية تُبنى بهدوء، والخطوة الأولى حين تكون بهذا النضج، فهي ليست إلا بداية لمشوار قد يكون طويلًا ومميزًا.

الجمهور لا ينسى من صدق الأداء، والنقاد يتابعون من يترك أثرًا دون ضجيج.

فهل تكون هذه البداية بداية لمسار فني يُثري المشهد؟

الفرصة موجودة… والبداية تقول الكثير.