العدالة العالمية والقانون الدولي: طريق لإنقاذ غزة

في تقرير إعلامي تاريخي على قناة BBC الفضائية عن حياة هنري كسينجر «عملاق الدبلوماسية الأمريكية»، أكد التقرير معاداة المجتمعات الأوروبية لليهود، حتى إن كثيرا من الأماكن تُكتب عليها لافتات: (اليهود غير مرغوب بهم هنا)، بل تُعرِّضهم للتجويع، وللموت في معسكرات الاعتقال، ناهيك عن المحرقة الكبرى.
هذه الوصمة في تاريخ أوروبا كان يُفترض لإرضاء اليهود وتعويضهم أن يُمنحوا وطناً قومياً لهم في أوروبا!! ولكن لكراهيتهم لهم، زجّوا بهم بعيداً، وأعطوهم وطنا قوميا في فلسطين!! ومنذ ١٩٤٨ وحتى الآن يقوم اليهود بأبشع الجرائم والانتهاكات الإنسانية ضد الفلسطينيين، والعالم يتفرج بالرغم من أن الحرب الأخيرة قد فضحت الكيان الصهيوني الغاصب الذي يقوم بالإبادة الجماعية، والتهجير القسري، والتجويع، ومنع كل أسباب الحياة عن الإنسان.
ثم استحدثوا مؤخراً ما يُسمَّى (بمؤسسة غزة الإنسانية)، والتي تعتبر مصائد للموت، فيومياً وعند تكدُّس الجوعى على نقاط استلام المساعدات، تغتالهم قناصات الموت، فيصل بعضهم للمستشفيات ولا يجد وسيلة للنجاة، لخروج المستشفيات عن الخدمة, لعدم توفر المقومات الأساسية للعلاج. هذه الوحشية الإسرائيلية لم تكن لتستمر لولا الدعم من الحلفاء الذين طردوا اليهود، بل لولا الفيتو الأمريكي ضد كل قرار يصدر من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار!!.
إن ازدواجية المعايير في التعامل مع إسرائيل ودول منطقة الشرق الأوسط، جعلت شعوب العالم مؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية، وبالرغم من الحركات المكوكية لنتنياهو إلى أمريكا، لم يستطع تغيير المعادلة الظالمة إلى أخرى موضوعية.. فلو وضع نتنياهو نفسه مكان الفلسطينيين ماذا سيفعل؟، يُطرد من بيته، ويُقتَل أفراد أسرته، ويُدمَّر منزله، ويُرحَّل عشرات المرات من مكانٍ لآخر، ثم يُقصَف ويُقتَل!! ثم نستيقظ على تصريح أمريكي مستفز يقول:
«سنقوم بحل النزاع في غزة.. لأن الوضع مأساوي»، دون تحرك من أحد حتى الآن.
في المقابل، دعونا نقف قليلا عند سماحة الإسلام في التعامل مع غير المسلمين، حيث تقول الآية الكريمة: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ..)، فالآية صريحة بحسن التعامل والعدل للذين لا يُناصبون المسلمين العداء.. وهذا ما يُفترض أن تتعامل به إسرائيل مع المطبّعين معها منذ كامب ديفيد، ومؤخرا من خلال ما يُسمونه (بالاتفاقيات الإبراهيمية)، والتي من أهم بنودها: الالتزام بالحفاظ على السلام وتعزيزه في منطقة الشرق الأوسط، استنادا إلى الفهم المتبادل والتعايش السلمي والاحترام لكرامة الإنسان وحريته.. فأين هم من تطبيق هذا وهناك حرب حوّلت قطاع غزة إلى كومة من الرماد؟ بل أين هم من إحصائيات اليونيسف والأونروا وكل المنظمات الإنسانية؟! وأن هناك أكثر من (٥٠ ألف طفل فلسطيني) قُتلوا، أو أُصيبوا جرَّاء الحصار والتجويع الإسرائيلي، وعدم توفُّر أبسط مقومات الحياة وهو الماء.
لن يكون هناك سلام إلا بالعدالة الإنسانية، وضرورة إدخال المساعدات عن طريق المنظمات العالمية.. بل أن تُشكَّل فرق عسكرية أممية تُجبر إسرائيل على إدخال المساعدات، فكسر الحصار لابد أن يصدر به قانون عالمي عن الأمم المتحدة، على أن تكون قراراتها نافذة، وإجبار إسرائيل على تغيير فكرها الإرهابي المتطرف، فالفلسطينيون بشر وكافة الأديان تُجرِّم القتل.. لذا فإن حل الدولتين الذي تطالب به السعودية هو المخرج الأساسي لخلق فرص السلام في المنطقة.