النسخة الثانية من الهندية

النسخة الثانية من الهندية

بالرغم من الدمار الذي شهده العالم خلال الأشهر الماضية في غزة الغالية، وحرب روسيا وأوكرانيا، وضرب المفاعلات النووية الإيرانية من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إلا أن أنظار العالم كانت مركزة على صدور التقرير المبدئي لكارثة الطائرة الهندية. التقرير من إعداد وزارة الطيران المدني الهندية وبعض الجهات المشاركة شاملة شركة ً»بوينج»، و»جنرال إلكتريك»، ومكتب تحقيقات السلامة الأمريكي، بشأن حادث طائرة البوينج 787 التي تحطَّمت أمام أعين العالم بتاريخ 12 يونيو 2025، وقُتِل فيها 260 إنساناً.

صدر التقرير الأولي في مطلع هذا الأسبوع باللغة الإنجليزية. وتطرق للعديد من التفاصيل الدقيقة في 15 صفحة. وصف التقرير تفاصيل طراز، ووزن، وأداء الطائرة المنكوبة في مطار «أحمد آباد» في الهند في رحلتها رقم 171 إلى مطار «جاتويك» في لندن. وشمل التقرير تفاصيل مؤهلات الطيارين، والحالة الجوية، ووضع صيانة الطائرة، ووضعية العجلات، وأسطح الرفع على الأجنحة، والتسارع، والسرعات، ومدة الطيران.. وكما رأينا جميعاً في مقاطع الفيديو، كان طيران الهندية قصيراً، قطعت خلاله مسافة حوالى كيلومترين في فترة زمنية دامت لحوالى 32 ثانية فقط.. وجاءت مفاجأة في التقرير بشأن وضعية محركي الطائرة، فقد تم تحريك مفتاحي تدفق الوقود من الطاقم؛ لوضعية الإقفال في الثواني الأولى من الإقلاع.. وبعدها تم تحريك المفتاحين إلى وضعية التشغيل.. وهذه حركات غريبة لا تفسير لها.. وخلال تحليل الصندوق الأسود، سأل أحد طياري الرحلة المنكوبة عن سبب إقفال المفتاحين، وجاء الرد من زميله أنه لم يفعل ذلك.. وهذا يزيد من التساؤلات.

الموضوع مهم، لأن التقرير المبدئي لم يشر لأي توصيات حيال «البوينج 787» أو محركيها من طراز «جنرال إلكتريك».. بالرغم أن النتائج النهائية لن تظهر إلى أن يتم الانتهاء من التقرير النهائي الذي قد يتطلب سنة كاملة من التحقيق والدراسات، إلا أن فائدة الشك لم تعط للطيارين. ستجد اتهامات «مبطنة» لهما بين سطور التقرير للخطأ، أو ربما القتل المتعمد. ولكن أهمية الموضوع لا تتوقف هنا، فكل يوم يسافر حوالى نصف مليون إنسان على متن هذا الطراز من الطائرات، وقد احتفلت شركة بوينج قبل حوالى ستة أسابيع بحمل المسافر رقم بليون على متن طراز 787. منذ أول رحلة لها عام 2011.. وأما بالنسبة لنا في الوطن، فنجد أن الخطوط الجوية العربية السعودية تشغل هذا الطراز بتوفيق الله منذ عام 2016، وتشغل حوالى 18 طائرة منها، والمتوقع أن يصل عددها إلى أكثر من ستين طائرة بحلول 2030.. وأما طيران الرياض، فستعتمد بمشيئة الله على الطراز نفسه بتشغيل حوالى 72 طائرة منه، يعني باختصار ستكون الطائرة هي إحدى أهم أعمدة الأسطول التجاري السعودي.

* أمنيـــــة:

أشارت معظم التقارير الإعلامية إلى حالة الحزن الكبرى لأهالي ضحايا الكارثة الهندية، وأود أن أضيف أهمية حالة الحزن والذهول لعالم الطيران التجاري بأكمله، فالسفر جواً لا يزال الأكثر سلامة عالمياً بمشيئة الله. وبالرغم أن حوادث الطيران نادرة نسبةً إلى وسائط السفر الأخرى، إلا أن كلاً منها يؤثر على هذا القطاع الحيوي الهائل. أتمنى أن نعرف حقائق حادث الطائرة الهندية في القريب العاجل، وأن يسلمنا الله في حلنا وترحالنا، وهو من وراء القصد.