مكة.. عشق أبدي لا ينفد

مكة.. عشق أبدي لا ينفد

هذه الحكمة الإلهيَّة لهذا البيت العتيق، تحمل كثيرًا من المشاعر والأحاسيس، والتي أهمُّها شعور مَن يقصده أنَّه في موقفٍ عظيمٍ، ومشهود لتعظيم هذه البقعة الطَّاهرة، بأنَّه يقف بين يدي الله، يطوف ببيته العتيق، ويديه تلمس الملتزم، وبصره نحو المكان الذي وقف فيه المصطفى -عليه صلوات الله وسلامه- عند باب الكعبة، عند فتح مكَّة.. هنا في مكَّة غسلت الكعبة المشرَّفة وأشرقت -وهي دائمًا مشرقة- تزداد لحظة بعد لحظة نورًا وبهاءً وجمالًا؛ اقتداء بسُنَّة الحبيب -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

هذه مكَّة، مهبط الوحي، ومنبع الرسالات السماويَّة، هذا البلد الأمين قطعة من الأرض، مكَّة التي ملكت القلوب، وسلبت الأفئدة؛ إجلالًا ومهابةً.. لا يحلها أحد إلَّا أخذت بمجامع قلبه، أرضها المباركة نصب الأعين، ومحبتها حشو القلوب، حكمة من الله بالغة.. وتصديقًا لدعوة خليله سيدنا إبراهيم -عليه السَّلام-، هذا البلد الآمن، والبيت المعمور، وقبلة الدنيا، وقصة الحب النادرة التي نعيش تفاصيلها دائمًا في مهوى الأفئدة، إنَّه الحب الذي يجعل قلوب المؤمنين في حالة اتصال دائم مع ربِّ العباد، ويجعل الاطمئنان يُغلِّف قلوب كلِّ مَن يقصد الروحانيَّة والسَّكينة والهدوء، ويرجو رحمة ربِّه وغفرانه، وكأنَّها الهدايا التي تأتي دون موعد، وتترك الأثر الجميل في ثنايا الرُّوح، هدايا ربِّ العالمين التي لا تنفد، وتُحقِّق الأمنيات الكثيرة، فنحن العباد الفقراء إلى الله، نرفع أكفَّنا في فضاء رحمته، وقلوبنا تدعو، ووعده هو الحق المبين.. هنا في مكَّة المكرَّمة، وُلِدَ المصطفى -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- هنا تربَّى -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ربَّاه ربُّه، وملأ قلبه حبًّا وفطرةً.. هنا في المكان الذي أَحَب، والأرض التي عشق..

عليك صلواتُ اللهِ وسلامُه يا خيرَ خلق الله.

عليك صلواتُ اللهِ وسلامُه يا مَن أنقذ الله بك نفوسًا من غيِّها وضلالتها.

عليك صلواتُ الله وسلامُه يا مَن أرسله الله هاديًا ومبشرًّا وسراجًا منيرًا.

عليك صلواتُ الله وسلامُه يا مَن اصطفاك المولى لتكون خاتمًا للأنبياء، ورحمةً للعالمين.