الثاليدومايد والحمل: المخاطر والاعتبارات

الثاليدومايد والحمل: المخاطر والاعتبارات

كثير من الصيادلة لا يعرفون قصَّة دواء الثاليدومايد؛ لأنَّهم لم يعاصروها.. فالقصَّة بدأت في الخمسينيَّات.. وهذه هي القصَّة:

قصَّة الثاليدومايد، والحمل تُعتبر واحدةً من كُبْرَى الكوارث الدوائيَّة في تاريخ الطب الحديث، وتشكِّل نقطة تحوُّل في قوانين تنظيم الأدوية حول العالم.. فما هو الثاليدومايد؟

الثاليدومايد دواءٌ طُوِّر في ألمانيا، في أواخر خمسينيَّات القرن العشرين، وسُوِّق في البداية كمهدِّئ ومضاد للغَثَيَان، خاصَّةً للنِّساء الحوامل في الأشهر الأُولى من الحمل، وانتشر استخدامه بحلول عام 1957، وأصبح يُباع بدون وصفةٍ طبيَّةٍ في عدد من الدول الأوروبيَّة، وأستراليا، وكندا. وكان يُروَّج له على نطاق واسع، بأنَّه آمنٌ تمامًا، حتَّى للحوامل.

وبحلول أوائل الستينيَّات، بدأ الأطباء يلاحظون تزايدًا غير مبرَّر في حالات الأطفال المولودِين بتشوُّهات خَلقيَّة شديدة، خاصَّةً في الأطراف (مثل الأطراف القصيرة، أو الغائبة)، وهي حالة تُعرف بـ «فوكوميليا».

بعد تحقيقات طبيَّة، تبيَّن أنَّ القاسم المشترك بين هؤلاء الأُمَّهات كان استخدامهنَّ لثاليدومايد خلال الحمل، خصوصًا في الأسابيع 4 – 10، وهي فترة حرجة لنمو أطراف الجنين.. وبلغ عدد المتأثِّرين أكثر من 10,000 طفل وُلدوا بتشوُّهات خَلقيَّة مرتبطة باستخدام الثاليدومايد في حوالى 46 دولةً، والعديد من الأطفال تُوفُّوا بعد الولادة، أو عانوا من إعاقات جسديَّة مدى الحياة.. وتمَّ سحب الدَّواء من الأسواق العالميَّة بحلول عام 1961.

ورغم تاريخه المأساويِّ، يُستخدم الثاليدومايد حاليًّا لعلاج أمراض معيَّنة مثل السرطان (المايلوما المتعدِّدة) والجذام، ولكنْ تحت رقابة مشدَّدة وبروتوكولات صارمة تمنع استخدامه من قِبل الحوامل.

والدَّرس المُستفاد من قصَّة الثاليدومايد أظهرت كيف يمكن لدواء يُعتقَد أنَّه آمن أنْ يُحدثَ كارثة إنْ لم تُتَّبع خطوات صارمة في اختباره، خصوصًا في فترات الحمل. وهي سبب مباشر لوجود التحذيرات «لا يُستخدَم أثناء الحمل» التي نراها الآن على كثيرٍ من الأدوية.