منزل آل معيلف في تاريخ ينبع

تُعدُّ ينبع من أقدم المدن الساحليَّة في غرب المملكة العربيَّة السعوديَّة، وتتميَّز بوجود عدد من البيوت التاريخيَّة التي تعكس الطابع الحجازي القديم، خاصَّة في تاريخيَّة ينبع.
وتعتبر البيوت التاريخيَّة في ينبع فنًّا معماريًّا وهندسيًّا متميِّزًا وتندرج هذه البيوت ضمن النمط المعماريِّ السائد في الحجاز، وتتَّسم بالقوة والصلابة، ومن اشهر البيوت العتيقة والتاريخيَّة في ينبع، والتي أُعيد ترميمها وتأهيلها بيت حسين الخطيب، وبيت الشامي، وبيت بابطين، وبيت الجبرتي، وبيت درويش، وبيت الزمعي. ولا زالت هناك مراحل لتكملة تأهيل بقيَّة البيوت القديمة والتاريخيَّة مستقبلًا، ومنها دار آل زارع، ودار لورنس، ودور آل مقدم، وآل نحاس، وآل الصعيدي، وآل الخيفي، وآل بن جبر، وآل أبوعوف، وآل معيلف.
وهنا نحنُ في صدد الحديث عن دار آل معيلف التاريخي، والدار تُعتبر ضمن المنطقة التاريخيَّة لحيِّ الصور في ينبع، وهي من الأحياء التي تتميَّز بيوتها بالتراث الحجازيِّ، تشتهر عمارتها باستخدام الحجر (المنقبي)، ومواد البناء المحليَّة والأسقف من جذوع وجريد النخيل، مع نوافذ خشبيَّة مخرَّمة شبيهة بالمشربيَّات والرَّواشين الحجازيَّة التي تعكس فن العمارة التقليدي القادر على مقاومة مناخ الساحل.
ويُقدَّر عمر دار آل معيلف بأكثر من 120 عامًا، ويعود إلى أسرة آل القايدي، واشتراه الشيخ جميل معيلف، وأخوه أحمد قبل 75 عامًا، وأعاد تأهيلة، مع إضافة عدد من الغرف، وبعض المرافق، وزيادة دور علوي، وسطح ليتَّسع لعائلتي جميل، وشقيقة أحمد معيلف، وللدار بوابة شماليَّة رئيسة للضيوف، وأُخْرى غربيَّة للأسرة، وعاش الأخوان في هذه الدار حتَّى عام 1393هـ. وبعدها انتقل الأخوان جميل وأحمد معيلف، بعد اتِّساع العمران، وانتقال الشيخ جميل للعيش بالمدينة المنوَّرة حتَّى وفاته في نهاية التسعينيَّات الهجريَّة.
وطبقًا للمؤرِّخ عبدالكريم الخطيب -رحمه الله- في كتابه (الأُسر العريقة في ينبع)، قال: إنَّ أُسرة آل معيلف من الأُسر العريقة في مدينة ينبع، وتعود بجذورها إلى بادية المنطقة، وكان من أبرز رجالها في هذا العهد الشيخ جميل محمد معيلف بن محارب -يرحمه الله- وُلدَ بمدينة ينبع، ودخل أوَّل مدرسة أُسِّست في مدينة ينبع عام ١٣٢٧هـ، وعُيِّن فيها مدرِّسًا لسنواتٍ عديدة، وكان زميلًا وصديقًا للمؤرِّخ حمد الجاسر -رحمه الله- عندما عاش الأخير فترةً من حياته في ينبع، وعملا في السِّلك التعليميِّ، ثمَّ انتقل الشيخ جميل معيلف من التعليم إلى ماليَّة ينبع، واشتُهر الرجل بالعمل الماليِّ، وباحترافيَّة فائقة في حياته الإداريَّة بمنتصف القرن الماضي، حيث بدأ كموظفٍ بماليَّة ينبع، وتدرَّجت به الحياة حتَّى أصبح رئيسًا لقلم الحسابات، عندما كانت كافَّة الإدارات الحكوميَّة مرتبطةً ماليًّا بوزارة الماليَّة. وقد أناب عن مدير ماليَّة ينبع مرَّات عديدة في عهد مديرها محمود بن عبدالله الخطيب -يرحمهم الله جميعًا-.
وفي عام 1393هجريَّة، انتقل الأستاذ جميل معيلف من ماليَّة ينبع إلى هيئة الزَّكاة والدَّخل بالمدينة المنوَّرة؛ ليعمل مديرًا لمصلحة الزَّكاة والدَّخل فيها، وفي نهاية التسعينيَّات اختاره الله إلى جواره، وقد أنجب من الأولاد (عبدالله)، والذي عمل بماليَّة ينبع، ثم انتقل إلى محكمة المدينة المنوَّرة، و(عبدالعزيز) والذي عمل حتى وفاته بمصلحة الأرصاد -رحمهما الله- و(فوزي) والذي يعيش حاليًّا في جدَّة، وكان يعمل بالخطوط العربيَّة السعوديَّة، وأخاه (أحمد) له من الأبناء (محمد)، كان يعمل في أحد مصارف ينبع، (وليد) ويعمل في شركة أرامكو، (وائل) ويعمل بكليَّة ينبع الصناعيَّة.
لقد عُرف الأستاذ جميل معيلف بحُسن الاستقامة، والسجايا الحميدة، وأيضًا أخوه أحمد الذي عمل أمين الصندوق في فرع الماليَّة بمحافظة ينبع، وكانا محبوبين بين أهالي ينبع، وكانا يتَّصفان بالهدوء والرزانة، فليرحمهما الله رحمة الأبرار.
لا يزال بيت آل معيلف بحاجة إلى صيانة وترميم؛ للمحافظة على أصالته التاريخيَّة، وتُعدُّ الدعوة مفتوحة لمبادرات محليَّة لترميمه، والمساهمة في سجلات التراث الحجازي في ينبع.